للكاتب الروسي نيكولاي أردمان لم تتخل عن النزعة المدرسية في إعداد الممثل وفق منهج ستانسلافسكي، وقالت سانا بتقرير لها حول العرض: المسرحية التي تختتم عروضها اليوم على مسرح الحمراء نقلت حذافير البيئة الأصلية للنص دون العمل دراماتورجياً لتقريبه من الجمهور السوري محافظة على أسماء الشخصيات وسلوكها وعاداتها معتمدة على الجانب الإنساني في رواية قصة /سيميون سيميونوفيتش/ الرجل الذي سيجد نفسه مدفوعاً للانتحار بعد مشاجرة ليلية عابرة بينه وبين زوجته الشابة والتي بدورها ستطلب مساعدة جيرانها ومعارف زوجها لمنع هذا الأخير من الانتحار لكن هؤلاء سوف يشجعون الزوج على الانتحار من أجل مآرب عامة ومقدسة بدلاً من الانتحار بسبب توافه الحياة وفق رأيهم.
الدين والحب والفن كل منها يسعى حسب تأويله إلى تقديم مسوغات انتحار لم يحدث لكنه سيصبح حدثاً عاماً وملحاً يجوز استثماره ليكون نمطاً من الانتحار المقنع بالواجب والفضيلة والتضحية وصولاً إلى حفل يجمع /سيميون/ بمنتظري انتحاره وذلك وفق أسلوب ساخر تتخلله مفارقات عديدة حرص المخرج الباش على إظهارها عبر قطع ديكور متحركة عكست حياة الرجل في شقة مفتوحة على فضاءات الجيران والشارع والحياة العامة ليكون الجمهور أمام تورية حجبت مقولتها عبر الإغراق في حذافير البيئة الروسية دون الانتباه إلى أن اللغة تصبح عائقاً بين الممثل وشخصيته وبين الممثلين والجمهور.
خيار فني عمد إليه مخرج العرض متكئاً على قوة النص بدلاً من الذهاب أكثر للعمل مع الممثل والاشتغال على نص للخشبة بدلاً مما يسميه أندريه بريتون «الالتصاق بالنص» وعدم التخلص من أدبيته لصالح الانفتاح على متطلبات العرض المسرحي للخلاص إلى تفاعل حار ولاهث مع المتفرجين على كراسي الصالة «فماذا يقول العرض» ليست شيئاً أمام «كيف يقول العرض» وكيف يمكن التوصل إلى فضاء لعبي حر يتمكن من إقناع الجمهور وتوريطه باللعبة المسرحية.
واستند العرض على مقومات سينوغرافية لافتة من حيث الاقتصاد بها على خشبة الحمراء واكبتها إضاءة الفنان أدهم سفر التي جاءت على نحو متواتر لعكس تطور الأحداث في زمن مسرحي ذي طابع أحادي تدفق عبره الصراع المسرحي للتأكيد على ثقافة الحياة في مواجهة موت يريد الجميع استثماره حيث تراهن الحكاية الذكية للنص على تأليب مشاعر متناقضة حول جدوى الموت من أجل أهداف سامية لتبقى الحياة هي الكنز الأبدي للإنسان في مواجهة فلاسفة الموت وطالبيه ومسوغي حدوثه.
يذكر أن العرض من إنتاج وزارة الثقافة «مديرية المسارح والموسيقا- المسرح القومي» وهو من إخراج الدكتور سمير عثمان الباش وتمثيل كل من عبد الله وفائي وتاتيانا أبو عسلي ويزن دخل الله و شادي درويش ولميس محمد وكرم حنون وفايز أبو شكر وغيث الأدهمي وخالد حمزة وليث المغربي ويزن مرتجى وياسمين الجباوي وباسل دعبول ومنيار اليحناني وأشرف على تنفيذ الديكور سامر نصر الله والإشراف الفني يارا عيسى وتصميم الإضاءة أدهم سفر وتدريب الصوت فادي عطية وتدريب الرقص يارا رزين ومكياج منور العقاد وتنفيذ إضاءة عماد حنوش وتنفيذ الصوت إياد عبد المجيد ومرح العريضي وتنفيذ تقنيات جمال الشرع ومدير منصة عماد سعيدان ومساعد مخرج خوشناف ظاظا وتعاون فني محمود الداود وهيا أبو شاهين.