استنزفت إرهابييها حتى الرمق الأخير، وباتت الأراضي التي تواجدوا فيها تضيق بهم، والمدن التي يختبئون في أنابيب صرفها تبتلعهم وأخرى تلفظهم، لينالوا جزاءهم العادل وهو الموت الزؤام، وذلك بدءاً من القريتين في حمص إلى دير الزور وريفه، إلى حماة وجوارها من المحافظات السورية التي أبت التنازل والتراجع، وبقيت صامدة على طول خطوط الدفاع والهجوم والوسط وفي كل مكان وحراسة المرمى.
فبالعودة إلى أرشيف التقديرات والمواقف حول الحرب الإرهابية على سورية، وإعادة معاينة ما جاء فيها، نرى أن فورة « الزعران» ومن يتحدثون عنها، كانوا حقاً مجموعة من اللصوص وقطاعي الطرق الذين يتقاتلون على صيد ثمين، لكن أفلت الصيد منهم لعدم قدرتهم على الإمساك به، وبقيت الكلاب تنهش جلدها وأحشاءها، وتتناحر وتتهافت على بعضها بعضاً، ومن كان في الميزان ثقله كيلو واحداً أو ربما ظن نفسه أكثر، أضحى لا وزن له في عالم الرقميات والقياس والأوزان والأحجام، لكون حديثه عن فورة كهذه جاء متأخراً كثيراً، بعد أن ساهم وغيره بتخريب وإحراق البلد، والتسبب بتهجير وتشريد شبابه وشيابه وأطفاله، حيث لا تفيد الاعتذاريات ولا العويل.
مؤتمر الحوار السوري يتم التجهيز له اليوم، ويضم مختلف مكونات الشعب السوري، وسوف يكون خطوة أولى في عملية حوار شامل بين السوريين، تعقبها مؤتمرات أخرى، في وقت أضحت فيه مناطق خفض التوتر في أيدٍ أمينة، ما خلا الخوف من بعض المُجَرَّبين، بعد أن سرت الخيانة في دمائهم، ولابد أنهم ينتظرون فرصة القنص والصيد مرة أخرى، لكن صيدهم اليوم لا محالة في الماء العكر، ولن يحققوا الغاية المرجوة من الرحلة، وبالتالي لابد لهم من العودة إلى لغة العقل، وتذكر المقولة المعروفة» من جرّب مجرباً كان عقله مخرّباً».
كذلك التحضيرات لـ«آستنة 7» تجري على قدم وساق واجتماعات الخبراء تنعقد اليوم، بعد أن أثبتت فعاليتها في التوصل إلى المرحلة الحالية، وكان لها الفضل في وقف الأعمال القتالية، ومن المفترض أن تؤسس لمرحلة أهم وهي الدفع بعملية التسوية السياسية التي تم إرساء أسسها هناك.