تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


جدارّيات

الملحق الثقافي
21/4/2009
_ وليد إخلاصي

أيأتي يوم يعجز فيه الكاتب الروائي عن العثور على عنوان لروايته، أو الشاعر لقصيدته،

أو كاتب المسلسل التلفزيوني أو الفيلم السينمائي أو غيره من المبدعين في العجز على إطلاق تسميات لأعمالهم مما يدفع بهم إلى نظام الأرقام، أو أنهم يعمدون إلى إطلاق رموز على نتاجاتهم. أتراه يكون نوعاً من الإفلاس أو ربما التجديد، وفي الأحوال كلها سيكون انقلاباً على ما يمكن تسميته بالأدب المعاصر ومبشراً بالأدب القادم الذي نجهل كنهه ولا ندرك أبعاده.‏

ولابد أن ذلك التصور من نسج الخيال أو الخوف من اليباب الأدبي، لكنه من الأمور المستبعدة، فالرواية على سبيل المثال وهي التي ابتدأت تأخذ شكلها الفني منذ حوالي قرنين من الزمان، والتي استوحت شكلها الحكائي التاريخي للإنسان الاجتماعي منذ عشرات القرون، تلك الرواية لم تستكمل مسيرتها بعد، بل هي ستكون مرشحة للاستمرار في النمو عبر السنين القادمة، ولن تعجز على إيجاد عنوان.‏

الرواية لها علاقة بالماضي الذي انقضى، وإن لها ارتباطاً بالحاضر الذي تأخذ منه الأحداث والشخوص، كما أن تعلقها بالمستقبل من أهدافها بما يحتويه من مفاجآت يحتمل الروائي توقعها أو أن خياله يفتح أبعادها على جميع الاحتمالات.‏

الماضي أو التاريخ فإنه بالرغم من تدوينه كاملاً أو شيئاً منه، فإن الروائي لا مفر له من الاستفادة منه، حقيقياً أو ملفقاً. وأما الحاضر فيكون متعدد الأوجه في نظر الروائي يقبلها كما يشاء أو يكون خاضعاً لرؤاه النفسية أو الإيديولوجية، إلا أنها في معظمها فنية. وأما المستقبل فله أكثر من شأن في العمل الروائي، فإما أن يستمر وجوده من الخبرة المختزلة أو من القدرة على التخييل أو كلاهما، ويكون المستقبل الذي قد لا يدركه كثيرون يتحول بفضل رؤيا الروائي إلى زمن مدرك.‏

وبذا تكون أبواب الرواية مشرعة لزمن قادم طويل أو أنه مستمر الديمومة، وما دام الواقع البشري يملي شروطه في العذاب والاضطهاد والظلم ومن طرف آخر في الحب والتعاطف والفرح، فإن المشروع الروائي، كتابة وتشخيصاً، سيمضي في طريقه إلى ما لانهاية، وإن مشكلة العنوان لن تكون عائقاً فهو مفتاحها أو ما يدل عليها ككلمة سرها. هل الرواية مرشحة لتجاوز زمنها؟.‏

وتذكرنا الرواية بالنفط الذي تجمع في باطن الأرض نتيجة لتراكم الحياة العضوية، وخرج مندفعاً إلى سطحها. النفط آنذاك يمثل الماضي في تاريخ تكوينه، ومشتقاته هي الحاضن الذي ندركه لنفيد منها، وأما المستقبل فهو اشتعاله الذي يضيء ويغذي الآلات بالطاقة. وأما الغاز الذي يرافقه فإنه الذي لا يرى بالعين المجردة ولكن الأنف يحسه. الرواية كالنفط في تمثيله لكل الأزمان من ماض وحاضر ومستقبل.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية