مايعني أن من كرمه الله وجعل مأواه ومثواه الجنة والروض والرياض يستحق من بني البشر أعلى مراتب الاحترام والتقدير والتكريم لأنهم الأكثر كرماً، فقد أعطوا أوطانهم وترابهم وأهلهم العطاء الذي ليس بعده من عطاء فعطاء الدم والروح قمة أي عطاء وتاج أي تضحية.
لقد قدم الشهداء عبر التاريخ الأمثولة والقدوة لشعوبهم وشعوب العالم أجمع ما شكل دائماً الحافز والدافع للمزيد من التضحية والبطولة لإزالة الظلم والاستغلال وقهر قوى الاستعمار أياً كانت ومهما كانت قوتها وحجمها وقدرتها على الدمار والبطش، ذلك أن الوحشية والدم والعدوان لاتلغي حقوقاً ولاتمنع مقاومة والشيء الأكيد والوحيد الذي تحققه بقدرتها التدميرية التي تملكها هو التعجيل بهزيمتها أمام مقاومة الشعوب التي تزداد نمواً واتساعاً وشمولية في وجه تلك القوة اللاإنسانية حيث يكون الشهداء هم الأداة الأهم في تحقيق الانتصار والظفر بحرية الأوطان.
إن تاريخ أمتنا العربية هو تاريخ بطولة وتضحية وشهادة جيلاً بعد جيل ومعركة إثر معركة حتى غدا لون تراب بلادنا مائلاً إلى الحمرة لكثرة ماقدم أجدادنا القدماء وأجدادنا المعاصرون من الدماء لاستكمال لوحة الحرية والاستقلال.
ولعلنا لانبالغ عند القول إن تاريخ أمتنا هو تاريخ العالم ومقاومة الظلم في هذا العالم، فالدراسات الآثارية تؤكد أن الإنسان الأول وجد وولد في بلادنا وكلنا يذكر قول أحد أهم علماء الآثار عندما قال: (على كل إنسان أن يفخر أن له وطنين بلده الذي يعيش فيه وسورية)، فهل يعني ذلك القول أقل من أننا قلب العالم وعقله وتاريخه،؟ فعند كل حجر من حجارة بلادنا حكاية مجد وطن وتاريخ تضحيات شعب لذا كان من الطبيعي أن يكون الحفاظ على ذلك كله والإضافة عليه هو الواجب الأقل منا تجاه تضحيات هؤلاء الأجداد وذلك التاريخ والذي كان الشهيد هو أساسه الأول فلاعظمة كالشهيد ولامجد يعلوه ولاعطاء يجاري ما أعطاه.
لقد كان شهداء حطين واليرموك وذات الصواري وذي قار المنارة التي اهتدى بها وسار على خطاها شهداء ميسلون والغوطة والساحل وجبل العرب وحارم تماماً مثلما سار على درب هؤلاء الشهداء وعلى نور تضحياتهم شهداء تشرين في سيناء والجولان والقنيطرة وشهداء لبنان وفلسطين والعراق ومثلما سنسير نحن وأطفالنا وأحفادنا على الدرب نفسه درب الشهادة درب البذل والعطاء دون تردد ، درب ذلك الإنسان الذي عاهد فصدق دعاه الوطن فأسرع قاتل فاستبسل قارع العدو فأبدع ومن أجل أن ينتصر الوطن والأمة قرر الشهادة واستشهد.
تلك هي مدرسة الخلود والانتصار مدرسة المجد والفخار.