هؤلاء الفنانون غادروا الحياة بصمت لم يلتفت إليهم من يقوم بواجب الوفاء لمسيرة حافلة بالعطاء وكان لها دور في الارتقاء بالفن التشكيلي على اختلاف تنوعه وأشكاله.
واللافت أن هذا الفيلم الذي قدم في إحدى أمسيات المركز الثقافي «أبو رمانة» لم يكن من إنتاج جهة رسمية، أو جهة راعية، بل كان من إنتاج شخصي لأخ المحتفى به، وهذا ما يستوقفنا مليا، ألا يستحق مبدعونا أن نقف إلى جانبهم، وأن يكون لدى الجهات المعنية مشروع وطني لتكريم المبدعين وهم أحياء لنعبر لهم عن تقديرنا لجهودهم ومساهماتهم، ووفاء لرسالتهم النبيلة في خدمة الوطن وقضاياه الهامة.
وفي عودة سريعة لأجندة التكريمات نجدها في أغلبها مبادرات شخصية، أو تعبر بشكل خجول ضمن بعض الفعاليات فتكون»تحصيل حاصل» أو ربما تكون العلاقات الشخصية والمحسوبيات هي المعيار الأساس للتكريم.
والمبدعون في بلدي كثر، وإنجازاتهم أكثر من أن تحصى، وهم مستمرون في العطاء دون انقطاع، ويواكبون قضايا الوطن ليغمسوا أقلامهم في حبر العيون ويكتبوا أمجادا معتقة بأرواح نذرت نفسها للفكر والعلم والثقافة والفنون، وهم بعد كل ذلك يرحلون بصمت دون حتى كلمة شكر أو لفتة تكريمية تثلج صدورهم.
ولا أظن أن مفهوم التكريم يقف عند حدود الاعتراف بجهود المبدع وإنجازاته، بل هو ثقافة ومسؤولية تجاه الأجيال القادمة لربط الحاضر بالماضي وتعريف الأجيال بمبدعي الوطن ومناراته لمتابعة رسالتهم في نمو البلاد ونهضتها، وهو بعد ذلك يكرس لمفهوم المنتج الإبداعي المتميز.
فهل نكون أوفياء لأبناء جلدتنا من المبدعين في إيجاد مشروع وطني للتكريم تقوم به مؤسساتنا الثقافية ويضم مختلف أطياف الفنون والفكر والإبداع تحكمه معايير مدروسة، بدل الوقوف طويلا على قائمة الانتظار؟!