تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


نحو وقفة عربية جادة مع التحديات

دراسات
الثلاثاء 13/12/2005م
حسن حسن

لو توقف العرب قليلاً لمراجعة الحال الذي آلت إليه دولهم, فسنجد أن هناك عدداً من هذه الدول أقل من عدد أصابع اليد الواحدة

يحاول أن ينظر بهمة إلى المستقبل بينما يمكن تقسيم باقي الدول العربية إلى عوالم عدة, بعضها يعيش عالم الفوضى وبعضها الآخر يقطن عالم الجماد, في حين أن الجزء الأخير منها يسير بخطوات بطيئة نحو التحديث.‏

وهنا يمكن أن نسرد سلسلة من خيبات الأمل كالتمزق العربي الذي جعل الشعب الفلسطيني يقاتل وحده آلة الاحتلال والدعاية الإسرائيلية وفشل النظام العربي في منع غزو العراق أو التعاطي مع قضية الاحتلال وإعادة بناء الدولة الديمقراطية, وكذلك الأزمات والخلافات التي شلت الاتحاد المغاربي, والأزمة التي واجهها مجلس التعاون الخليجي هذا العام والتهديدات التي توجه لسورية ولبنان والضغط المتزايد على البلدين من جانب قوى دولية عاتية, واستمرار حيرة وتشتت المثقفين العرب أمام الأزمة الطاحنة والخانقة في السياسة والثقافة العربية, وخاصة مع استمرار صعود وتوسع رقعة التيارات المتشددة في تفسير الإسلام. تكفينا هذه القائمة من المشكلات لكي ندرك أن عالمنا العربي يتفكك أكثر وأكثر.‏

فاليوم عالم الفوضى ينتشر في دول عديدة وعلى رأسها العراق وفلسطين والصومال وأهم سمة تجمع كل هذه الدول هي حجم الدماء التي تسيل على أرضها, وانتشار الصراع الداخلي بين أفراد الشعب الواحد وهو صراع ليس له نهاية أو حل ويدفع ثمنه غالباً هذا الشعب وحده, ورغم أن الدولة العظمى الوحيدة قد باتت القاضي والجلاد لحل المعضلة الأمنية في هذه الدول,ووضع حد لمعاناتها, فإنها أصبحت السبب المباشر والرئيسي في استمرار الفوضى فيها نتيجة لأسباب عدة من أهمها:‏

1-عدم توفر الإرادة المخلصة لدى الولايات المتحدة من أجل معالجة الوضع القائم في هذه الدول,لأن سوء الأوضاع يخدم مصالحها ومصالح إسرائيل.‏

2- عدم فهم الدولة العظمى للواقع السياسي والطبيعة الثقافية والخلفية التاريخية لقضايا الصراع أو المشكلات التي تواجه هذه الدول.‏

3- استبعاد القوة العظمى للدور الدولي والإقليمي واقصائه عن المشاركة أو التدخل وإصرارها على فرض الهيمنة والسيطرة على إرادة هذه الدول.‏

4- اعتمادها على القوة العسكرية لغرض هيمنتها.‏

5- تكالب بعض أطراف المنظومة السياسية والاجتماعية في هذه الدول للحصول على مكاسب خاصة من دون النظر إلى المصلحة الوطنية المشتركة,ما أتاح لهذه القوة العظمى عقد تحالفات مع بعض الأطراف على حساب أطراف أخرى. لذلك أصبحت الفوضى سمة عامة للوضع الداخلي في هذه الدول.‏

أما عالم الجماد, وهو على كل حال- سمة غالبة لكثير من الدول العربية في تعاملها مع التحديات الخارجية ومعضلاتها الداخلية إذ يتم تبرير هذا التراجع أنه ليس في الإمكان أحسن مما كان, وبالتالي المراوحة في مكان, وفي الوقت عينه ترى نظم المراوحة هذه أن عدم اتخاذ أي موقف تجاه القضايا المطروحة يجنبها التورط في توجهات قد تغضب أي جهة إقليمية أو دولية بدعوى أن الظروف الراهنة تحتاج إلى التمسك بما هو قائم ولا تسمح بالمخاطرة, وأن الانحناء واجب لتمر بسلام عاصفة الامبراطورية العظمى في طريقها للثأر لكرامتها الجريحة واستعادة صورتها المتهاوية, خاصة أنها باتت لا تفرق بين العدو والصديق والحليف. لكن غاب عن أذهان هؤلاء أن طوفان التهديدات والتحديات عندما يجتاح المنطقة فلن يستثني أحداً.‏

والمؤسف أن هذه الدول لا تشعر بما تسببه للقضايا العربية المصيرية من تأزم وتراجع وضعف وانقسام في المواقف, وأنها السبب الرئيسي وراء انتشار حالة اللامبالاة في الرأي العام العربي, والمأزق الراهن الذي آل إليه حال العرب.‏

ومن المؤكد أن هذا الانقسام الذي يسود الوطن العربي ويجعل معظم دوله تعيش في عالمها الخاص سواء.. الفوضى أو الجمود أو التخاذل يضع باقي الدول العربية التي تحاول الخروج من المأزق الراهن أمام مفترق طرق, بل تجعلها تقف منفردة أمام التحديات والتهديدات والمخاطر الملحة التي تواجه العالم العربي, وهي مثقلة بمهمة المساعدة في إيقاف الفوضى والعمل على تحريك الجماد ومقاومة التخاذل.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية