إلى الاسواق ليكون وقود المضاربات بتأثير دافع تثبيت سعر صرف الليرة السورية, بل ان ذلك مطمئن ليس فقط لأن السيد رئيس مجلس الوزراء لديه هذا الحرص بل لأنه موقف اقتصادي سليم الى درجة كبيرة ..
ومنذ أن ابتدأت حالة التراجع في أسعار صرف الليرة السورية في الآونة الاخيرة وحتى اليوم .. ومن خلال المتابعة الدائمة لما يجري ويقال .. لم أر كثرة آراء تطالب بالنزول بالاحتياطي الدولاري الى السوق مباشرة لتثبيت سعر العملة, بل معظم الآراء حذرت ليس فقط من استخدام سريع لهذا السلاح .. بل أيضاً حذرت من كثرة التلويح به . ويعلم الجميع ان تثبيت سعر صرف الليرة جانب فقط من الجوانب التي نحتاج فيها هذا الاحتياطي .. وأنا شخصياً أرى.. حتى عدم تداول أرقامه ..
بكل الاحوال من ناحية استخدام هذا الاحتياطي ان جاز ذلك فيجب ان يكون وبالتأكيد استخداماً محدوداً في الكم والزمن .. وداعم لإجراء مدروس, وأخطر ما يواجهه ان يستخدم لتخطيط إجراءات فاشلة .
لاأعتقد ان ثمة إنذارات خطرة تحيط بالليرة السورية وهي بالمحصلة عملة كأي عملة عرضة لحركة سعر .. وقد قلت أكثر من مرة ان انخفاض سعر العملة ليس دائماً مؤشر خطورة اقتصادية .. لكن .. بالنسبة لنا فإن الانخفاض الاخير الذي شهدته الليرة أشر بوضوح ان اعتلال الاجراءات التي اتخذت لتثبيت سعر الصرف, ولم يؤشر بالضرورة الى اعتلالات في الوضع الاقتصادي ..
لكن السؤال :
في هذه الحال, هل يكون تحرك سعر صرف الليرة باتجاه الانخفاض لأسباب سياسية نفسية صرفة أم لأسباب اقتصادية أم لأسباب مختلطة من هذا وذاك .?!
الخيار الثالث للإجابة هو الأسهل دفاعاً عنه , لكنه أيضا هو الأصح .
فالأسباب النفسية في حركة سعر العملة في أي بلد هي وبشكل طبيعي تتأثر بأسباب سياسية واقتصادية .. وقد بدا عندنا أن أصل التأثير أو أصل ظهور الأسباب النفسية التي أدت إلى انخفاض سعر صرف ا لليرة هي أسباب سياسية .. والذريعة هي الضغوط التي تتعرض لها سورية ..
فهل هذا الكلام دقيق?
مناقشة هذا الكلام لها ضرورتها كي لا نركن الى ان المسألة مرتهنة لتطورات الوضع السياسي.
والذي نراه انه..
لا شك ان ثمة احراجات خارجية تتمثل بضغوط وتهديدات تحديدا اقتصادية اثرت فعلياً في اندفاعةحاملي الليرة السورية إلى استبدالها بالعملات الاجنبية وتحديداً بالدولار.. لكنه هذا الكلام لايمكن أخذه بالشكل المطلق والارتياح له لعدة اسباب منها:
1-ان الضغوطات هي من مرحلة التهديد أو أكثر منه بقليل .. و احتمالات الوصول بالامر الى العقوبات الاقتصادية الشديدة اعتقدها احتمالات غير مؤكدة .
2- ان من طبيعة الاجراءات التي تتخذه ان تحسب حسابا فعليا لسيناريوهات ضغوطات وعقوبات مختلفة وكيف تواجهها وبالتالي عدم اللجوء الى استخدامها كحجة..
3- ان الوضع النفسي الناجم عن الضغوطات السياسية جاء في واقع كانت كل الاجراءات المتخذة قبله لا تخدم مواجهته .أعني أن الاجراءات لم تكن قائمة على احتمال سيناريو ان نواجه ظروفا ما .
4- وهو الأهم .. لقد جاء الظرف النفسي السياسي ليفجر التعبير العلني الصارخ عن اجراءات اقتصادية سابقة بدأت من تحريك أسعار الفائدة على الليرة السورية وخفضها . يومها ظهر تحرك مالي باتجاه العقارات وهذا كان متوقعا وقد أدى الى ارتفاع ملحوظ في أسعار العقارات مبرر موضوعيا ببعض جوانبه وغير مبرر بجوانبه الاخرى .
لكن سوق العقارات رغم ارتفاع الأسعار والتحرك النسبي فيه لم يتحول الى سوق نشطة بشكل يكفي وبالتالي ظل حامل الليرة يتأمل المشهد باحثاً عن إمكانات لاستثمار مدخراته لم تتوفر له .. وعندما جاء الظرف النفسي الذي تحدثنا عنه وجد نفسه في حال الخوف فاتجه بهذه النسبة او تلك الى انتقاء العملات الاجنبية وجاءت إجراءات المواجهة عموماً متقطعة وجزئية فزادت في الطلب على الدولار عوضا على أن تخفض .
والذي نراه اليوم : انه لاخطر فعليا محدقا بالليرة .. وقد اعطاها لقاء السيد رئيس الجمهورية بالفريق الاقتصادي وما نقل عنه , وكذلك ماقاله هذا الفريق في مجلس الشعب الدعم النفسي المهم .. أقول ذلك مقدراً أن ثمة مواجهة أخرى نفسية سياسية ربما قادمة .