الفنان أحمد الياس في صالة "نصير شورى" بدمشق: صوفية اللون وغنائية المساحات
ملحق ثقافي 13/12/2005م عبد الله أبوراشــــد الفنان التشكيلي السوري (أحمد الياس) من الأسماء الفنية التشكيلية البارزة في مساحة التشكيل السوري المعاصر لاسيما في ميادين اشتغاله التقني الذي أحب "
حروفية الأرابيسك" باعتباره وأحداً من فرسانها المميزين والملتزمين بخطه التصويري منذ عقدين من الزمن. هو من مواليد "دير عطية" عام 1954 وخريج كلية الفنون الجميلة بجامعة دمشق تخصص "عمارة داخلية – ديكور" 1981 وعضو في اتحاد التشكيليين العرب ونقابة الفنون الجميلة وعضو مؤسس في جماعة (6+1) للفنون الجميلة وأقام نحو أحد عشر معرضاً فردياً ومُشارك دائم في كافة معارض الدولة الرسمية، وحاصل على مجموعة من الجوائز وشهادات التقدير. معرضه المُزمع افتتاحه في صالة "نصير شورى" للفنون الجميلة بدمشق اعتباراً من مساء يوم الأحد 18/12/2005 يُشكل إطلالة جديدة بعد انقطاع دام أربعة سنوات من البحث والتجريب والعمل النشط في مجالات ابتكاره العامرة بحدائق المُخيلة والتفكير الصوفي والبحت عن مطابقة لمفهوم الجمال "المطلق" في جعل اللوحة التشكيلية المتناسلة من ثوب "حروفية الأرابيسك" أو التشكيل الحروفي أكثر ألفة ومودة ومقبولية في مجالات الفنون التشكيلية السورية والأقدر على مساحات من الهوية ونسج علاقات التواصل البصري ما بين الفنان وذاته الخبروية والمقتدرة من ناحية، وجمهور الفن والتلقي من ناحية ثانية، ومُحاولة مشروعة في مد الجسور متينة ما بين الحرف العربي في سياقاته التقليدية ( الخط العربي والزخرفة) واللوحة التشكيلية (المدرسية الكاديمية) في صياغتها المُعاصرة، مزاوجة ما بين ثقافتين بصريتين يُكرس الفنان (الياس) في ذاته الباحثة والمجتهدة عِبر لوحاته ما بين فترة وأخرى منطقة عبور مريح لإيجاد حلول بصرية متعثرة حيناً وموفقة في أكثر الأحوال. في معرضه الحالي بصالة "شورى" تبيان صريح لجلده وإصراره والتزامه بخطه الفني الذي لازمه طيلة واحد وعشرين عاماً مليئة بالإنتاج. لوحاته تأخذ سمات اللوحات متنوعة المقاييس ومشغولة على قماش وأخشاب وأوراق متعددة المعالجة التقنية مفتونة بالاتجاهات التعبيرية التجريدية الخالية من الشخوص والتي تأخذ بعضاً من مفرداتها المُستعارة من واحة النصوص القرآنية والمقولات المسرودة في ميادين الخط العربي والزخرفة العربية الإسلامية ، ملتزمة كل الالتزام بخطها البصري البياني المتصاعد نحو تشكيل فضاءات فنية تشكيلية حافلة بالخصوصية والتفرد الشكلي والتقني اللون فيها يسمو صفاء النفس المندمجة في معالم اللامحدود واللامتناهي المفتوح على فضاء التأمل والمُخيلة وحوار الخطوط والتقنية والألوان، وعامرة بمنافذ الزهد وصوفية اللون وغنائية المساحات اللونية المؤتلفة بهندسة معمارية تراكيّة تأخذ من السياقات المنطقية في تجربته ذات النسيج اللوني المتناوب والمتجانس في كثير من الأحوال والمتعارضة حدة ودرجة لونية في بض الأحيان. يكرس من خلالها مفاهيم التواتر والتوالد عِبر توليفات الزخارف الهندسية والمتواليات المرغوبة في الفن الإسلامي من سمات التماثل والتناظر والمقابلة والمحاورة البصرية لأشكال رموزه وعناصره الكثيفة فوق سطوح اللوحة والتي تجد في المربع والمستطيل والمعين والدائرة والقطع والمنحنيات شكلاً مطابقاً لجماليات البيوت السورية عموماً والدمشقية القديمة على وجه التحديد. مساحات لونية موشاة بخطوط مُستعارة من تراث الآخرين في مجرة الفنون العربية الإسلامية يُدرجها في واحة معمارية متراصة ومتراكمة الخطوط والتفاصيل اللونية وأشبه بغابات من الألوان التي تُدهش العين وتجعلها عرضة لمغريات الفكرة وفتنة النصوص، وتقودها إلى منزلقات بصرية غير محمودة في بعض الأحيان بسب كثافة المساحات والملونات. لوحاته عالم غني بالرموز والخطوط والألوان شاملة لكافة ملونات الدائرة اللونية المتسعة لكل أطياف تدريجاته الاشتقاقية سواء تلك المتناسلة من دائرة الألوان الرئيسة أو الأساسية وما بينها من مشتقات متناغمة وخصوصية الحالة التعبيرية في كل لوحة من لوحاته وبما فيها من توافق وتعارض، مُشكلة في مجموعها "بانوراما" لونية متعددة النغمات في وحدة شكلية عضوية جامعة، تصل تجربة الفنان الماضية بالحاضرة وكأنها معزوفة متجددة على حوار الخط واللون والفكرة. لفنان أراد أن يكون حالة خاصة خارجة من عِقال التشكيل الحروفي والاتجاهات التعبيرية التجريدية مُحتفظاً بإيقاعات بصرية سابحة في أتون الصوفية وتمجيد التراث بلغة خاصة.
|