وهاجم مسؤولون عديدون آنذاك استراتيجية أوباما وقارنوها بحرب فيتنام إلا أن أوباما دافع عن استمرار الحرب ودعم قواته بـ 30 ألف جندي وأصر على أنه لا وجه للمقارنة بينها وبين حرب فيتنام مؤكداً أن الأمن العالمي برمته في خطر وأن الحرب في أفغانستان ليست حرب الولايات المتحدة وحدها.
وجاءت تلك الاستراتيجية نتيجة مشاورات أجراها أوباما مع كبار مستشاري الأمن القومي استمرت عدة أشهر وبالتنسيق مع بريطانيا التي رفعت عديد قواتها آنذاك بإضافة عشرة آلاف جندي.
وأعلن مسؤولون أميركيون آنذاك أن الاستراتيجية الجديدة للرئيس الأميركي باراك أوباما بشأن أفغانستان ستركز على تدمير ملاذات آمنة في أفغانستان وباكستان يخطط فيها تنظيم القاعدة لهجمات جديدة على الولايات المتحدة.
وأكد المسؤولون أن الولايات المتحدة ستنشر أربعة آلاف مدرب عسكري في أفغانستان بحلول خريف العام 2010 في اطار الاستراتيجية الجديدة لتعزيز كفاءة القوات المسلحة الأفغانية إلى الحد الذي تصبح فيه قادرة على القيام بالدور الرئيسي في العمليات العسكرية، وتوقعوا أن تزيد تكاليف العمليات العسكرية الأميركية في أفغانستان بنسبة 60 في المئة من مستواها الحالي الذي يبلغ ملياري دولار شهرياً.
وكان أوباما دعا خلال حملته الانتخابية إلى التركيز على أفغانستان في الحرب على ما يوصف بالإرهاب وأقر إثر توليه منصبه إرسال 17 ألف جندي أميركي إضافي إلى هذا البلد الذي تعاني فيه قواته وحليفاتها في الناتو من هجمات متزايدة حيث أدى اعتماد الولايات المتحدة على المهمات العسكرية دون التطوير الاقتصادي وإعادة الإعمار إلى عودة طالبان إلى السيطرة على مناطق واسعة بالجنوب الأفغاني.
وكان معظم خبراء الحرب في الولايات المتحدة قد أكدوا أن استراتيجية أوباما ستواجه الكثير من التحديات الجديدة في ظل الانقسامات الحاصلة في بلد مزقته الحرب بعد مرور ثماني سنوات على غزوه من قبل أميركا وحلفائها.
وكان أوباما قد تذرع بأن زيادة عدد قواته هو من أجل نقل المسؤوليات الأمنية إلى القوات الأفغانية وكذلك حماية المناطق ذات الكثافة السكانية العالية وتدريب الشرطة الأفغانية.
لكن مسؤولين معارضين لاستراتيجية أوباما قالوا إنه يتعين مضاعفة عدد قوات الشرطة والجيش الوطني، والموعد النهائي الذي حدده أوباما لم يترك سوى 18 شهراً للقيام بهذا.
وقال سكوت باين، وهو مستشار سياسي كبير في مؤسسة ثيرد واي بالعاصمة واشنطن إن زيادة عدد جيش مثل ذلك بشكل سريع أمر يخلق كثيراً من المسائل التنظيمية، لذا يتعين علينا مراقبة ما إذا كان هذا سيحقق نجاحاً.
وبالفعل ركزت واشنطن بشكل كبير على عدد القوات بدلاً من جودة التدريب لدي بناء وحدات الأمن الأفغانية.
وكتب مايكل أوهانلون، زميل مؤسسة بروكينغز بالعاصمة واشنطن، في مقال نشرته صحيفة واشنطن تايمز، قائلاً إن الإدارة الأميركية ستحقق النجاح إذا تم اتخاذ إجراءات معينة.
وأضاف: إذا صدق السيد أوباما على معظم أو جميع توصيات الجنرال ماكريستال الخاصة بإرسال مزيد من قوات الناتو، وبنينا جهودنا على مبادرات واعدة جديدة أخرى، فستبدو فرص تحقيق أهدافنا الاستراتيجية الجوهرية أفضل بكثير من أي وقت مضى.
بيد أن منتقدين أشاروا إلى أن عدد الجنود الإضافي الذي طرحه أوباما يقل بواقع 10 آلاف جندي عن العدد الذي طلبه القائد الأميركي الأعلى في أفغانستان الجنرال ستانلي مكريستال في وقت سابق والبالغ 40 ألف جندي.
وأشار ويتز إلى أنه حين أبدى بعض الجمهوريين تذمرهم حيال تلك الأرقام، يخطط الرئيس لملء تلك الفجوة من خلال حلفاء الناتو وفي وقت لاحق بالقوات الأفغانية.
وقال إن الأوروبيين مازالوا غير متحمسين لنشر المزيد من الجنود في أفغانستان، الأمر الذي يترك الحلفاء الأوروبيين حائرين بين ناخبيهم من جهة وحليفهم الأميركي من جهة أخرى.
وذكر أن رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون هو الوحيد الذي تعهد بنشر عدة مئات إضافية من القوات في أفغانستان.
أما ناثان هيوز، المحلل العسكري في ستراتفور وهي شركة مخابرات عالمية فقال: إن زيادة القوات لا تزال صغيرة للغاية لفرض حل عسكري في بلد مترامي الأطراف يتوزع فيه السكان على نطاق واسع.
وأوضح، أن الزيادة ليست من أجل هزيمة طالبان، بل من أجل تغيير نظرة اللاعبين المشاركين واستعادة المبادرة حتى تستطيع القوات الأفغانية تولي المهام.
وفي بلد يغير فيه اللاعبون مسارهم دائماً على أمل أن يكونوا هم الفريق الفائز بدأ العديد من الأفغان في الواقع التعاطف مع طالبان لأنهم يعتقدون أن هذا التنظيم هو المسيرة.. وهذه هي النظرة الأهم.
وبغض النظر عن التحديات التي تواجه الاستراتيجية الجديدة، مازالت هناك تحديات قديمة وهدف أوباما الخاص بحماية السكان يرمي إلى كسب معركة القلوب والعقول من أجل حرمان طالبان من الدعم الشعبي، ولكن هذا يشكل بعض الصعوبات حتى في وجود القوات الإضافية.
وكانت القوات الأميركية والبريطانية قد ذكرت أن مقاتلي طالبان يميلون إلى الاختفاء دائماً عندما تظهر القوات الأجنبية، ولا يظهرون مرة أخرى إلا بعد أن تغادر، حيث يقتلون القرويين الذين يزودون القوات الأجنبية بالمعلومات الاستخباراتية ومعونات أخرى.
وقال باين إن نشر القوات الإضافية سيحل المشكلة جزئياً، لأن القوات ستركز علىِ البقاع الساخنة التي تشهد أنشطة طالبان.
وهناك تحد آخر يتمثل في إعادة إدماج الميليشيات في المجتمع، وأوضح مسؤولو الإدارة أن أوباما يريد إقناع الجماعات المقاتلة مع طالبان والتي لا تضم متطرفين متعنتين، بلعب دور أكبر في الحكم.
ولكن هيوز أشار إلى أن واشنطن لا تعرف جيداً أي فصائل قد تقبل هذه التسوية، وستواجه صعوبات في التمييز بين الولاء المتباين والأجندات المتنافسة للقبائل وأمراء الحرب في أفغانستان.
وقال كثير من الخبراء إن محاولة الولايات المتحدة في فرض حكومة مركزية قد تفشل في بلد تعتبر الديمقراطية المركزية مفهوماً أجنبياً.
ولفت المحللون إلى أن أفغانستان ليست مثل العراق الذي يقع على جبل من الثروة النفطية ويتمتع بتاريخ من الحكم المركزي فعلى النقيض تعد أفغانستان إحدى أفقر دول العالم وتنقصها البنية التحتية ولا يعرف تاريخها حكماً في شكل سلطة مركزية.