يؤمن بأهمية المساهمة في بناء الإنسان، لأنه بذلك يساهم في بناء الوطن.. عديدة هي المحاور في لقائنا معه، والبداية كانت من معهد صلحي الوادي:
• كيف تتعامل مع فكرة أنك كنت طالباً في معهد (صلحي الوادي) ومن ثم مدرساً فيه واليوم مديراً له وللمعاهد الموسيقية والباليه ؟
•• إنه شعور غريب وجميل فعندما تكون طالباً أو أستاذاً يكون لديك الكثير من المتطلبات، ولكن عندما تصبح مديراً تجد أن هناك قيوداً معينة لا تستطيع تجاوزها، فعندما تكون مخضرماً في المعهد تعرف مشكلاته كلها وبأدق التفاصيل الصغيرة، فتضع خطة لتجاوزها، ولكن هناك أمور مرتبطة بالقوانين خاصة فيما يتعلق بالموضوع المالي الذي يعتبر مشكلة، فأجر الحصة الدراسية زهيد ولا يتناسب مع جهد الأستاذ الموسيقي. وهنا لابد من الإشارة إلى التزامنا الأخلاقي تجاه معهد صلحي الوادي للموسيقا فهو هام بالنسبة لنا على الصعيدين الموسيقي والحياتي، خاصة أن الحرب على سورية اليوم هي حرب ثقافة، فينبغي أن نجابهها بالوعي والثقافة، فبينما يقدم الجيش العربي السوري التضحيات التي نقدرها كل التقدير، أرى أنه من واجبنا الوطني السير على منحى بناء الانسان ومن هنا أؤكد على أهمية تنمية مواهب أطفالنا، وضمن هذا الإطار لابد من مشاركة وزارة التربية من خلال المدارس والحصص الدراسية المتعلقة بالتربية الموسيقية والرسم والتي كانت لدى البعض عبارة عن حصص فراغ !..
نظام المعهد فيه التزام وتدريب متواصل ومتابعة مع الأهالي، وهذا ما صنع له الاسم العريق، وهو كما حال المعاهد الأخرى في المحافظات مستمر في العطاء والعمل، فهناك التزام من قبل الأساتذة حتى ضمن الظروف الراهنة إيماناً بواجبنا الوطني في استمرارية العمل.
• ما السياسة الاستيعابية للمعهد، خاصة أنه تم هذا العام قبول عدد أكبر من الطلبة قياساً مع الأعوام السابقة ؟
•• سياسة الاستيعاب تتعلق بالمكان والقاعات والكادر التدريسي، وهناك خطة مدروسة لاستيعاب هؤلاء الطلاب كلهم ولن تكون على حساب العملية التدريسية، ويعود سبب استيعابنا هذا العام لعدد أكبر مقارنة مع السنوات الماضية لعدة أسباب، فأن يكون هناك هذا الاقبال كله على المعهد وسط الظروف الراهنة فهو أمر جيد، كما أنه من واجبنا المساهمة في بناء الانسان والطفل، وذلك كله يراكم علينا مسؤولية أكبر وبالتالي مجهوداً أكبر، ولابد من الإشارة هنا إلى الاتفاقية المبرمة مع وزارة التربية العام الماضي حيث تم افتتاح مركزين في دمشق وقد تداركنا معها بعض الثغرات الموجودة، الأمر الذي من شأنه تخفيف الضغط على المعهد وييسر أمور الأهالي القاطنين بالمناطق الأقرب لهذين المركزين، إضافة لذلك هناك سعي لتوسيع الكادر في بعض المحافظات، فبسبب الظروف الحالية بات لدينا نقص في بعض الكوادر التدريسية هناك، ولكن الأساتذة كلهم مندفعون للعمل وإن كان سيشكل ذلك مجهوداً إضافياً عليهم لكننا نعتبر عملنا واجباً وطنياً. واليوم لدينا خطة لرفد بعض المعاهد من المعهد العالي للموسيقا بدمشق عبر يوم في الأسبوع وهناك أساتذة أبدوا استعدادهم لذلك.
إننا نشجع الأطفال الذين يأتون لتعلم الموسيقا، وفي العام القادم سنقيم دورة تحضيرية لمن يريدون التقدم لفحص القبول، ولكن في هذه السنة لجأت إلى فكرة (النسبة والتناسب) بمعنى أن هناك من أتى وهو لا يعرف بالموسيقا، ولا أريد تكريس موضوع الدروس الخاصة، لذلك حاولنا في الامتحان انتقاء الأطفال الذين يملكون أذناً موسيقية، وسنعطي عبر (مرحلة التحضيري) فرصة ليثبت الطالب نفسه خلال العام، فهناك أسلوب جديد يعتمد على التقييم الشهري للطلاب مع دفتر ملاحظات للأهل تتم مراجعته أسبوعياً، وفي نهاية العام من كان جيداً سينجح بجدارة لأنه في الفن والموسيقا ليس هناك من وساطة.
• كيف يمكن تقييم وضع المعاهد الموسيقية في المحافظات الأخرى ؟
•• معهد صلحي الوادي من أعرق المعاهد في المنطقة، وكان اسمه سابقاً المعهد العربي، ويأتي بعده في القدم معهد (صباح فخري) في حلب، ومن ثم افتتح معهد (فريد الأطرش) في السويداء، ومعهد (محمود العجان) في اللاذقية الذي افتتح مؤخراً وقُبِول فيه الطلاب بالسنة الأولى، ومعهد (محمد عبد الكريم) في حمص وافتتح منذ خمسة أشهر تقريباً، ومعهد (نجيب السراج) في حماه وهو قيد الافتتاح، ولكن الدراسة بدأت فيه تقريباً، وبالمجمل هناك اقبال شديد على المعاهد، علماً أنه في دمشق هناك مركزا (ماري العجمي ولبابة الهلالية) اللذان تم افتتاحهما ضمن اتفاقية مع وزارة التربية. ولابد من الإشارة إلى أن المستوى العلمي والتدريسي في كافة المعاهد هو مستوى واحد وعالٍ، فنحن حريصون على أن يبقى اسم المعهد العربي للموسيقا بمختلف تسمياته على مستوى عالٍ وهام.
• ما مصير الفرق الموسيقية عندنا مثل (أوركسترا طرب، رباعي أورفيوس الوتري، أبو خليل القباني..) ؟
•• أي موسيقي هدفه إنشاء فرقة أو أن يكون ضمن فرقة، واليوم الراعي والضامن الرسمي هو الفرقة السمفونية الوطنية السورية والمُحدثة عام 1992 والتابعة لدار الأسد للثقافة والفنون، وحالياً عادت الفرقة الوطنية للموسيقا العربية (كنظام حفلات)، ولكن اليوم أي فرقة تحتاج إلى دعم مادي ومعنوي لتحافظ على وجودها، كما تحتاج إلى ريع يناسب المجهود المُقدم، لذلك تجد أن هناك فرقة تظهر لسنة أو اثنتين ثم تختفي. وهنا لا بد من القول أن وزارة الثقافة لم تقصّر مع الفرق فقد قدمت المسارح، وأرى أن موضوع تعدد الفرق وإقامة الحفلات أمراً صحياً، ولكن اليوم قلّت الكوادر مما دفع باتجاه أن يكون هناك كوادر مشتركة بين الفرق، فالكوادر الوطنية التي بقيت في البلد من حقها أن تشتغل، وهي حالة صحية وأشجعها، وكلما كثرت الفرق كثرت المنافسة، ومما لا شك فيه أن هناك جمهوراً للموسيقا في سورية.
• حول العمل النقابي قلت (الأولوية في تأمين لقمة عيش الفنان).. فكيف السبيل لذلك ؟
•• طبّقنا شيئاً من ذلك في فرع الريف، وهناك سعي ليكون العمل بشكل دوري، ولكني أتحدث عن استراتيجية ينبغي أن تكون على مستوى البلد. فالنقابة عبر السنوات لم تقيم مشاريع استثمارية لتضمن كرامة الفنان وتؤمن لقمة عيشه، وتبقى الحلول بيد مجلس النقابة المركزي، فيجب أن تتجه النقابة اليوم الاتجاه الاستثماري.