كنت أبحث عن جدران القلعة, وعن الشمس التي كانت تسطع على رؤوسنا ونحن نتسوق فيه دون ملل وحساب للوقت.
سوق العصرونية من أسواق دمشق القديمة والذي لم ينل شهرته كما سوق الحرير القديم والبزورية والحميدية والخياطين وغيرها ممن يعود تاريخه الى قرون ماضية والذي دمرت أيدي اللئام بعض أسواقه الاقتصادية التي كانت تطرز فيه دمشق الحرير والبروكار بخيوط من الذهب والفضة لينتهي في دمشق ويبدأ في باريس وعواصم أوربية..
دمرت واحترقت أسواق كثيرة في دمشق واليوم في هذه الحرب استبيحت الممتلكات وعاد اللئام للعبث.
لايهم ماذا كنا نتسوق من العصرونية ولا ماذا كانت تحتوي من بضاعة , لكن لأنك لا تستطيع أن تزور التاريخ وتزور الأموي أو تدخل الحميدية أو تزور القلعة الا وتدفعك الدروب للمرور بالعصرونية.. باختصار تريد رؤية دمشق بالعبق الياسميني والجوري، لابد أن تمر بالسوق الذي يتوسط كل تلك الأماكن الأثرية والتاريخية.
ـ كما يقول المؤرخون ـ إنه كان هناك سوق مجاورة للسوق الحالية وتأخذ اسم «سوق القلعة»، وكانت مغطاة بسقف من الخشب، بيد أن هذه السوق تَهدّمت مع الكثير من البيوت المجاورة والمشيدات الأثرية إبان الثورة السورية ضد الفرنسيين عام 1925 نتيجة للقصف المدفعي الفرنسي للمنطقة. وفيما بعد، أعيد تنظيم السوقين معا في سوق واحدة مكشوفة أخذت مسمى «العصرونية». ولكن حتى هذه الأخيرة لم تسلم لاحقا من القصف الفرنسي المتجدد، إذ تَعرّضت للقذائف الفرنسية الموجهة إلى القلعة عام 1945 فتخرب الكثير من منشآتها ومحلاتها، وقد أعيد بناء بعضها على الطريقة الحديثة مكان الأبنية المخربة.
العصرونية لوقت العصر
ذكرت بعض المصادر أن التسمية نسبة للمؤرخ ابن عصرون بينما قيل إنه نسبة الى تفرغ النساء في وقت العصر للتسوق في هذه الفترة للبحث عن الأدوات المنزلية وأدوات الزينة والعطور.
وخلال النصف الأول من القرن العشرين توسعت السوق بشكل ملحوظ، فاستقطبت كثيرين من تجار دمشق الذين حوّلوا مستودعاتها المغلقة، وبعض البيوت القديمة التي عملوا على ترميمها، ولكنها تعرضت للتخريب بسبب القصف الفرنسي.
كانت أسواق دمشق جزءا من دمشق لكنها الآن أصبحت جزءا منا تمر بأنفاسنا وتدخل في شرايينا, في هذه الحرب صارت دمشق الرمز الذي لاينسى لسورية لأنه مهما احترق ومهما دمر منها ستعود دمشق متميزة بطابعها المعماري التاريخي, وسيعود اليها سياحها للمرور غدا أو بعد غد لزيارة أسواقها بعد أن تخمد النيران.