الذي بات يتدحرج ككرة الثلج والذي لا يزال يصطدم بحماقاتهم وتهورهم وغرورهم المفرط حيال التعاطي مع الواقع الجديد بكل متغيراته وقواعده الجديدة التي ارتسمت على الأرض بفعل الصمود السوري الذي لم يؤدِ الى تغيير قواعد اللعبة فحسب، بل أدى بطريقة أو بأخرى الى نسف كل القواعد والمعادلات التي كانت سائدة حتى ما قبل الحرب على سورية والتي أوجدها و رسخها كواقع لا يمكن تغييره أو حتى التفكير بالعبث فيه تفرد القوة الأميركية التي كانت سمتها الأساسية الطغيان والصلف وإرهاب الدول والشعوب بعد غياب قوى كبرى وعظمى عن الساحة الدولية.
التصعيد الحاصل اليوم على مختلف جبهات الشمال السوري من قبل المجموعات الإرهابية لم يكن انعكاساً لمحادثات جنيف وكواليسه، بقدر ما هو انعكاس للعجز الكبير الذي تعانيه اطراف الإرهاب على الأرض والذي دفعت به الهدنة التي طبقتها الدولة السورية والتزمت بها الى أبعد الحدود والتي لا تزال تمارس فيها أقصى درجات ضبط النفس الى السطح مجددا، كونها كشفت للعالم حقيقتين ثابتتين مترابطتين ومتشابهتين شكلا ومضمونا ، الأولى هي زيف وادعاءات دول التحالف الأميركي بمحاربة الإرهاب، أما الحقيقة الثانية التي كرسها وقف الأعمال القتالية فهي ذلك الإفلاس والخواء السياسي الذي تعاني منه معظم الأطراف المقابلة التي تفتقد الى مشروع سياسي حقيقي يوقف نزيف الدماء المستمر.
وهذا مايدفعنا الى القول مجددا إن التصعيد الهستيري الحاصل اليوم يهدف في أبعاده إلى تغيير المعادلات والموازين على الأرض بعد ان وصلت الولايات المتحدة بإدارتها الحالية الى مرحلة متقدمة من القرف والملل من معظم أدواتها في المنطقة، وخاصة أولئك الذي لم يستطيعوا حتى اللحظة تحقيق أي تقدم في الميدان يعزز من مواقعهم على طاولة التفاوض، وهذا الامر يمثل لواشنطن إشكالية حقيقية تضعها في مأزق جديد كونها من جهة مرتبطة بتفاهمات والتزامات مع الدولة الروسية العائدة بالقوة الى المسرح الدولي، وكونها من جهة أخرى مرتبطة مع الكثير من دول المنطقة (حلفائها وشركائها )بمعاهدات واتفاقيات وشراكات عضوية تحكمها من جهة المشاريع والمخططات الاستعمارية، وتحكمها من جهة أخرى المصالح والمكاسب المتبادلة.
وهذه الإشكالية لطالما حاولت الولايات المتحدة الهروب منها عبر اتباع سياسة المماطلة والهروب الى الامام من خلال لعبة الرقص على كل الحبال التي تحترفها الأخيرة بشكل كبير جدا وهذا ما بدا واضحا طيلة الفترة الماضية والتي شهدت تقدما واضحا للجيش السوري الذي بات يمتلك زمام المبادرة على كل الصعد،حيث اتسم السلوك الأميركي بالريبة والغموض والتباين الذي كان يصل في أحايين كثيرة الى حدود التناقض المفرط. بمطلق الأحوال وبحسب التجارب السابقة فإنه يمكن الجزم بأن التصعيد المجنون الذي تقوم به دول الإرهاب وأدواته لن يؤول الى الفشل فحسب، بل سيؤدي إلى مزيد من السقوط والانهيار للمشروع الأميركي، وربما سيسرع في حسم المعركة وانتصار الشعب السوري.