الا اننا نقول للمعنيين في وزارة تعنى بالاقتصاد والتجارة الخارجية: ان مفاعيل قرار المنع واقعيا غير قائمة ولا مبرر للعمل بها, امام ظاهرة اكتساح محلات البالة للشوارع والحارات ولم تسلم منها حتى الارصفة.. وامام تغاضي الجهات الرقابية المعنية بقرار المنع المذكور آنفا عن ممارسة دورها وفق مضمون القرار.
صحيح ان البالة اصبحت تجارة رائجة في ايامنا هذه, ومصلحة من لا مصلحة له, امام غزارة تدفق موادها وتعدد مصادرها التي تدخل بطريق التهريب, والعائد المادي الذي يجنيه ممتهنو تجارتها بعيد عن نسب الهوامش المحددة من التجارة الداخلية للربح, وعدم خضوعها لشرط رقابة جهاز حماية المستهلك, وغياب محتوى بطاقة البيان عن المنتج الذي تعرضه, ومقابل ذلك يفرض التاجر سعر المبيع للقطعة مزاجيا, وقد يتبدل كل ساعة صعودا او هبوطا, وهنا لا علاقة للدولار, وانما حسب الزبون ومظهره، علما ان هذه البضاعة يتم شراؤها من الخارج بالوزن أي بالكيلو, واحيانا مبلغ مقطوع لكل حاوية قماشية.
واذا دخلنا في معادلة الاقتصاد: فكم هي المبالغ التي تخسرها الخزينة العامة مقابل عشوائية عمل هذا القطاع الواسع الانتشار؟ بدءا من المنافذ الحدودية وغياب البيانات الجمركية, وعدم تحديد اسعار المبيع, أي اخضاعها لهوامش الربح, وغياب بطاقة البيان والجودة, الافتقار لاجازات الاستيراد النظامية, مع غياب الحديث عن منافسة المنتج المحلي.. طبعا دون الدخول في حجم المخاطر التي يشملها قرار المنع صحيا وبيئيا.
واقع الحال يدعو الى اعداد التشريع الملائم الذي يؤطر البيئة القانونية لعمل سوق البالة, بما يضمن مصلحة التاجر والمستهلك, ويرفد الخزينة العامة بالضرائب المستحقة عوضا عن ذهابها الى جيوب حفنة من المستفيدين ومن مختلف القطاعات, فهل الاقتصاد والتجارة قادرة على هكذا اجراء ام تتلطى خلف مبررات تعتبرها قطعية وبشكل يجافي الواقع والحقائق؟!