يختلف السعر من قطعة الى أخرى.
فالقطع المعلقة أمام المحال أسعارها مرتفعة أكثر، بينما تلك الملابس التي كدست في الخارج داخل الصناديق هي أرخص سعراً، والأرخص منها جميعا ملابس البالة المعروضة على البسطات, إذ انها ذات نوعية متردية، و تشوبها بعض العيوب!
مصدر البضاعة
ما هو مصدر البضاعة ومن هم زبائنها ولماذا هناك قرار بمنعها؟, وكيف نجدها في كل حدب وصوب رغم منعها منذ سنوات طويلة؟, وهل هناك فكرة للعودة عن قرار المنع هذا وجعل هذه المهنة تحت الاضواء الرسمية والاستفادة من مراقبتها و عائدات دخولها بدلا من الاصرار على قرار ليس له أي مفاعيل حقيقية على أرض الواقع؟. كثيرة الأسئلة وعزيزة هي الإجابات؟
انتشرت محال البالة والتي كانت تتركز في منطقة الاطفائية بدمشق ومنطقة الدويلعة وباب شرقي والقصاع ومساكن برزة وجرمانا وغيرها، عدا عن المحال الجديدة التي تفتح بشكل يومي ويغلب على بضائعها المعاطف القماشية والجلدية و«كنزات» الصوف والبسة الاطفال.
زبائن البالة
هناك مفهوم خاطئ عند البعض, وهو أن ملابس البالة هي لشريحة معينة من الناس، وهذا المفهوم لا يلامس الواقع اذ لا يمكن التعميم فيه.
فالفقراء قد يقصدون البالة من أجل شراء الملابس الرخيصة، بعد أن أعيتهم هموم الحياة، وكبّل العوز أيديهم. قد يلجؤون الى هذا السوق في الأعياد وفي بداية العام الدراسي, فهنا يمكنهم شراء ملابس داخلية رخيصة، وكذلك شراء بنطال من الجينز بثلث قيمة الجديد، وحذاء بربع القيمة، لكن في معظم الأوقات تصدمهم أسعار البالة المرتفعة وخصوصاً في بداية موسم الشتاء حيث تكون أسعار المعاطف والأحذية مرتفعة جداً وقتها قد يفضلون شراء ملابس جديدة.
وهناك شريحة ميسورة من المواطنين تقصد البالات بحثاً عن نوعيات مميزة من الألبسة والأحذية والتي لا تتوفر سوى في أسواق البالة, يبحثون عن النوعية الجيدة حيث الأحذية الجلدية الأصلية غير المقلدة، يفتشون بين الأكوام.. يختارون الأحذية الطبية، والحقائب الجلدية والمعاطف الصوفية. يخبروننا بانهم يقصدون البالة للبحث عن النوعية الجيدة حيث الملابس والاحذية الأوروبية.
ماذا يقول التجار؟
خليل خليل وهو تاجر جملة في سوق البالة، يعمل في هذه المهنة منذ ربع قرن، يخبرنا بان مصدر البالة الحالي لبنان والمصدر الرئيسي لها البلدان الأوروبية.
أما عن الاتهامات القائلة بعدم استيفاء تلك البضاعة للشروط الصحية، ويتساءل: كيف ذلك والبضاعة بحاجة الى شهادات صحية من بلد المصدر من أجل إخراجها من المرفأ؟
أما أبو خالد «صاحب محل بالة بدمشق»، قال: «تقسم ملابس البالة إلى درجات أولى وثانية وثالثة، وبسبب اختلاف السعر بينها لا يمكن لصاحب بسطة الملابس المتجول أن يبيع ملابس الدرجة الأولى فهي مرتفعة مقارنة بغيرها، لذلك تباع تلك البضاعة في محال سوق البالة».
وعن شريحة الزبائن التي تأتي إلى السوق ذكر «أبو خالد»: أن معظم شرائح المجتمع تأتي إلى سوق البالة ولكن أكثر الزبائن هم من الطبقة الوسطى.
ويضيف: نخصص غرفة داخلية لنوع خاص من الزبائن الذين يترددون بشكل دائم إلى المحل، وهناك من يطلب رؤية الملابس في بيته وهؤلاء يدفعون دون أخذ ورد مقابل القطعة التي تعجبهم.
تبدو هذه التجارة مربحةً، هذا ما يؤكده «أبو محمد» صاحب أحد المحلاّت في «سوق بالة الإطفائية»، «لكنّها كانت أكثر ربحاً فيما مضى»،على حد قوله وهو في هذه المهنه منذ ثلاثة عقود مضت.
التاجر محمد الأسمر يقول:إن الحظ يلعب دوراً كبيراً في كثير من الأحيان بنوعية البضاعة. قد نجد داخل البضاعة بعد تصنيفها ملابس رثة وأحذية بالية يشوبها عيب أو ذات موديلات قديمة، وبذلك نضطر الى بيعها باسعار بخسة، نسأله عن الطريقة المعتمدة في وضع الأسعار فيخبرنا أن الأسعار تقسم على البضاعة من أجل أن نصل في النهاية الى استرداد أموالنا وتحقيق بعض الارباح، وطبعاً طبقاً لنوعية القطعة نقرر السعر.
ركود
التجار اليوم يشتكون من ضعف الإقبال على سوق البالة حيث تشهد حركة بيع كثيفة في بداية مواسم محددة كموسم الشتاء وموسم المدارس وطبعاً موسم الأعياد...
والمواطنون الذين التقيناهم يشتكون أيضاً من ارتفاع اسعار الملابس والأحذية هنا في سوق «البالة» بحيث صارت تنافس اسعارها اسعار بعض الملابس الجديدة من حيث الارتفاع.
أسعار ألبسة البالة تختلف حسب جودتها، ولدى معظم المحلات تشكيلة من الأسعار تبدأ من 300 ليرة وتصل إلى 5000 ليرة، لتلبي رغبات مختلف أصناف الزبائن.
أحد أصحاب محلات البالة بمنطقة كشكول، وهو محمد الصوفي أشار إلى أن الألبسة الموجودة عنده في غالبيتها غير مستعملة، إلا أنها بتصاميم قديمة تم تنسيقها في أوروبا وأميركا الشمالية، مبيناً أن تسعير ألبسة وأحذية البالة يتم وفق نظافتها وجودتها والمصدر الآتية منه.
ولا يعلق صاحب المحل على طريقة دخول هذه الألبسة والأحذية إلى سورية، والمعروف أنها تدخل عن طريق التهريب، فهي ممنوعة من الاستيراد تحت ذريعة الخوف من الأمراض الجلدية والحفاظ على الاقتصاد والمنتج الوطني، إلا أنه يؤكد أنه لم يتعرض لأي مساءلة تجاه بيعه هذه الألبسة، متسائلاً في الوقت ذاته عن سبب استمرار منع استيرادها الآن، رغم أن المنتج الوطني شبه غائب نتيجة للظروف الراهنة.
ويشير أبو أحمد احد تجار البالة أنه يراعي وضع المواطن الاقتصادي، لذلك لا يرفع الأسعار ويكتفي بهامش ربح بسيط ومعقول، فأي قطعة ولادي اليوم أصبحت تباع بـ500-700 ل.س «كنزة أو بنطال»، والتي كانت تسعر سابقاً بـ100-150 ليرة، وأي قطعة رجالي أو نسائي تتراوح اليوم بين 1500-2500 ليرة للبنطلون، والتي كانت تسعر سابقاً بـ400-700 ليرة، أما الجاكيت الذي كان يباع من 800-1000 ليرة سابقاً فهو يباع اليوم أكثر من 6000 ليرة».
لجان
منذ زمنٍ طويل، واستيراد «البالة» محظور بذريعة حماية الصناعة الوطنية، لكن هذا السوق لم يتوقف عن العمل، والبضائع تصل إليه عن طريق التهريب ولم تتوقف قط.
الجهات المعنية تناقش عبر اللجان الاقتصادية إمكانية استيراد هذه المادة إلا أنها كانت ولا تزال تصل إلى نتيجة مفادها التأكيد على قرار منع استيراد الألبسة المستعملة «البالة» ولعدة مبررات أهمها كان عدم السماح بدخول هكذا مادة لأسباب صحية نظرا لاحتمال ما قد تحمله من فيروسات وجراثيم وأمراض نحن بغنى عنها حفاظا على صحة المواطن من جهة وعلى البيئة من جهة أخرى، وهكذا رغم كل هذا المنع نجد البالة في معظم الأسواق ان لم يكن كلها, وربما أضحت اليوم أسواقا بالجملة والمفرق، تعرض وتبيع، وتساؤلات عندما يسمح باستيراد البالة بشكل نظامي، ألن يجعل دخولها مراقباً ويعود بارباح كبيرة على الدولة, ثم إنّ من يريد الألبسة الجديدة أو المصنعة وطنياً الا يستطيع إيجادها، ومن كان يبحث عن ثياب بالة تفي بالغرض للاستعمال اليومي فهل سيستطيع أن يمنعه قرار منع، وهل هذا سيضرّ بصناعتنا الوطنية، أم سيكون موازياً لها ومتمّماً لحاجات المواطنين, ولدى طرح هذه الاسئلة على وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية, رأت الوزارة في قرار منع استيراد البالة، انه لا يراد فيه لسورية أن تكون مكباً للنفايات مهما اشتدت الظروف، إضافة إلى أن غرف الصناعة والتجارة لها علاقة خاصة فيما يخص إنتاج الألبسة القطنية وغيرها من الصناعات للألبسة الجاهزة، وذلك أن البالة تشكل منافسة كبيرة على المنتج الوطني
ولفت السيد بســام حيدر معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الى ان هذا القرار قديم وقطعي والوزارة ليست في صدد تغييره, حيث لم يتم منح أي اجازة استيراد لاي تاجر لاي سبب كان, ولما سألناه بان مفاعيل هذا القرار على أرض الواقع غير قائمة فلماذا الاصرار على بقائه, أليس من الافضل ان يكون فيه سماح رسمي درءاً لأي احتيالات فذكر ان الوزارة لا تنظر للموضوع بهذا الشكل, فمبدأ العمل في «وزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية» بالنسبة للسماح والمنع، هو إصدار التشريع اللازم والذي يتم بالتنسيق مع الوزارات الأخرى ذات الصلة مثل «وزارة الصحة» و«وزارة البيئة»، حيث يوجد قائمة بالمواد الممنوع استيرادها ويكون سبب المنع صحياً أو بيئياً أو..