تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


( بلقنة) العالم!!

لوفيغارو
ترجمة
الاثنين 22/9/2008
ترجمة: سراب الأسمر

لاشك أن حصول الاتحاد الاوروبي على تعهد من روسيا بالانسحاب من جورجيا خلال شهر يعتبر مكسبا تستحق الشكر عليه, لكن المشكلة الحقيقية الآن هو في الحصول على موافقة روسيا بالتخلي عن الاحتفاظ بأوسيتيا وأبخازيا, فالخوف بصدد هذه الأراضي حسب اعتراف المستشاريات الغربية صراحة بات في بلقنة العالم.

ويصب انسحاب القوات الروسية من جورجيا في مصلحة جميع الاطراف, فروسيا تحتاج إلى السوق الاوروبية كاحتياج السوق الاوروبية لها. فضلا عن ذلك قد يشكل إخفاق المفاوضات خطرا على الثنائي ميدفيديف- بوتين لايمكن إهماله في مواجهته المباشرة لحلف الناتو.‏

أخيرا, يبدو جيدا أن سياسة روسيا الحالية هي سياسة دفاعية أكثر مما هي هجومية, ويمكن إدراكها كرد احترازي أمام تطويق الناتو لحدودها. كما لم تسترع الانتباه المبادرة التي قام بها الكرملن في الشهر الماضي والساعية للحصول على تعهد من الغرب بعدم التدخل في الاراضي المحيطة بجورجيا ومولدافيا وأوكرانيا, لايخفى على بوتين أن دخول الجيش الروسي الى هذه الأراضي سيمر دون حدوث حرب باردة جديدة, لن يعينه في مواجهتها لا الاقتصاد ولا الوضع الديمو غرافي ولا الصحي في بلده بالمقابل بتوكيل نفسه مدافعا عن أنصار الروس, من المحتمل أنه يسعى للسير في خطى الامبراطور القديم نظير ما حدث في القرن التاسع عشر بمذهب الرئيس مونرو في الولايات المتحدة الذي نجح في مصاده بتغيير مجمل جنوب أميركا.‏

هذا وقد شكل مشروع بوش بتثبيت درع مضاد للصواريخ وسط بولونيا عاملا حاسما لتصلب الكرملن وإصراره على الاعتراف باستقلال أوسيتيا وأبخازيا.‏

تدل المواقف القليلة لميدفيديف إزاء الالتزام الاوروبي بوضع قوة تدخل في هاتين المنطقتين على تصلب موقفه.‏

ويؤمل أن تسمح تتمة المفاوضات التي ستجري بجنيف في الخامس عشر من تشرين الاول الخروج من حالة الحصار هذه ما يقوي الاتحاد الاوروبي. إن وضوح تدعيم الواقع في جورجيا أحدث سابقة يمكن انتقالها الى باقي العالم, فبلقنة القوقاز التي تشظت بتعدد الشعوب والاديان واللغات هي قصة قديمة, أما خطر بلقنة العالم بالمقابل فتعتبر ظاهرة حديثة, وما تؤكدة الأزمة الجورجية هو في الدور الذي تلعبه العولمة في تراجع الشعوب عامة نحو مطالبات بالانتماء العرقي والديني, فمن جهة العولمة تضعف الدولة كما اثبتت ذلك بلجيكا,ومن جهة أخرى, فهي تقوي الإنكفاء ما يساهم في عدم التسامح والإنشقاقات , الدولة وحدها هي القادرة على ضمان وحدة الحدود والفيدرالياتالموحدة وهي تلك المنظمة حول دولة قوية- وتعتبر سويسرا استثناء يؤكد هذه القاعدة.‏

هل يكفي في ظل هذه الظروف حدوث تغيير ديمواغرافي بسيط داخل أمة ما لتبرير الاعتراف بالانفصالية ما لم نقل بالإلحاق دون المبالغة بتورطات النموذج الجورجي, إنها مسألة التعريف الاوروبي بالدولة الأمة كإرادة للعيش المشترك والحدود كحق في المجال الجوي وهذه المسألة شبيهة بمسألة كوسوقو التي لم تهدأ تعتبرها الجماعة الدولية منطقة صربية من مفهوم التطهير العرقي الذي طالبت به حكومة بلغراد, ومذ ذاك سكنتها الأغلبية الألبانية.‏

وبقدر ما بدا تفجر الاتحادات الفيدرالية في الامم شرعيا من أجل استقلالها كما هو الحال في يوغسلافيا السابقة وتشيكوسلوفاكيا السابقة بقدر ما بات تفكك الأمة لأسباب عرقية خطرا, علينا الإقرار أن إرادة العيش المشترك لم تعد تكشف عن خيار الأفراد المسؤولين والمستقلين المتوحدين حول فكرة واحدة للحرية كي لايخضعون سوى لحتمية الانتماءات ذات الطابع الشمولي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية