من هؤلاء الابطال الحقيقيين فارس الخوري، الذي ملأ اسمه الشرق والغرب فيما قام به وانجزه من اجل سورية وحريتها وكرامتها، ومن اجل الشعوب المستضعفة في كل مكان، فالنضال من اجل الكرامة والحرية في سورية هو نضال ضد كل اشكال الاستعمار اينما كان واينما حل.
سيرة الفارس الخوري صدرت في كتاب منذ عقود من الزمن وقد فعلت الهيئة العامة للكتاب خيرا حينما اعادت اصدار الكتاب وقد جاء تحت عنوان: (فارس الخوري حياته وعصره)، وهو من تاليف القس حنا خباز والدكتور جورج حداد وحسب المقدمة فقد صدر في دمشق عام 1952 م .
اذ اشار المؤلفان في المقدمة الى الاسباب التي دفعتهما الى اصدار هذا الكتاب الهام والمتميز ويعترفان انهما في هذا العمل لم يستطيعا ان يحيطا بكل اعمال صاحب فارس الخوري ولم يعرضا الترجمة لجميع نواحي نشاطه، وهذا طبيعي امام شخصية هامة مثل فارس الخوري الذي اتسع نشاطه وعطاؤه ليشمل العالم كله من خلال العمل النضالي الدؤوب من اجل حرية وكرامة الامم والشعوب، وقد كانت سورية الوطن هي الغا ية والهدف، ومما لاشك فيه ان من يعمل من اجل وطنه فانما يعمل بالتاكيد من اجل العالم كله، لان القضايا واحدة وان اختلفت المواقع وبعض الوقائع.
وفي التصدير الذي كتبه حنا خباز وهو تحفة ادبية رائعة تقدم ذكريات هامة مع فارس الخوري في هذا التصدير نجد كنزا من المعلومات الجميلة والوقائع التي مر بها فارس الخوري ودونها قلم حنا الخباز، وهي ذكريات عابقة بكل الحب والامل والاعجاب بزميل اصبح فيما بعد علما من اعلام الوطن العربي والعالم.
بين دفتي الكتاب ومحطات كفاحه
يقع الكتاب المتميز بحدود اربعمئة صفحة من القطع الكبير ويتوزع على اثني عشر فصلا وملحقا متمما بقلم دكتور سامر الخوري.
الفصل الاول يتحدث عن نشاته في كفير حاصبيا ودراسته في مدرسة صيدا حيث ظهرت عبقريته ونبوغه مما لفت الانتباه اليه، ويقف هذا الفصل ايضا عند التدريس وانهاء الدراسة في الجامعة الاميركية .
أما الفصل الثاني فيتحدث عن اقامته في دمشق ومن ثم دخوله مجلس المبعوثان وفي تفاصيله وقوف عند الوظائف الاولى في دمشق ومن ثم دراسته الفرنسية والتركية والحقوق وبعد ذلك دخوله جمعية الاتحاد والترقي، ووقفة هامة ومتميزة لنشاطه في مجلس المبعوثان.
ويتابع الفصل الثالث عرض نشاطه النضالي ضد الاحتلال العثماني للوطن العربي من خلال العمل بالفكر ونشر المعرفة بين الناس والعمل على تفكيك احابيل ومخططات جمال باشا السفاح.
ويعرض ايضا ما تعرض له فارس الخوري من اذى وملاحقة جراء ما كان يقوم به من عمل وطني دؤوب .
لينتقل بنا الفصل الرابع الى مشاركته في حكومة الملك فيصل عام 1920م ودخوله الوزارة المستقلة.
وبدءا من الفصل الخامس تبدا حكاية جهاده ونضاله ضد الاحتلال الفرنسي الذي جثم على صدر ربع قرن من الزمن، لم يهن خلالها السوريون ولم يستسلموا ابدا، وفارس الخوري واحد من الذين صنعوا النصر الذي حققته سورية على الاحتلال الفرنسي البغيض.ناضل بالكلمة والفعل والموقف، وفي كل محفل دولي، لم تغره ابدا عروضهم واحابيلهم ووسائل اغرائهم، بل كان السيف الممشوق بوجه كل ادعاءاتهم واضاليلهم، عرفته المنابر والمحافل الدولية منافحا عن الحق والاستقلال، في الامم المتحدة وفي كل المؤتمرات التي ناقشت القضايا الدولية، لم يخف او يشعر با لوهن امام جبروت فرنسا، بل كان الحجة والمنطق في الامم المتحدة على فرنسا، وقارعها بالقانون والحق، ومثّل العرب هناك في الكثير من المواقف والمنتديات .
الكتاب سفر ملحمي لنضال وكفاح فارس الخوري من اجل امته ووطنه، يعرض بالتفصيل لهذه الوقائع ويسرد ما جرى فيها من احداث، وهو بالوقت نفسه يقدم اضاءات على تاريخ سورية وما فعله رجالها من اجل الحرية والكرامة، فارس الخوري الاديب والشاعر والسياسي كان منذورا للعمل في الداخل والخارج، فهو في البرلمان وهو المندوب في الامم المتحدة وهو الوزير ورئيس الحكومة وفوق هذا وذاك الانسان النبيل الذي عاش هموم الناس وامن بقية الشعب وقدرته على تحقيق الانجاز تلو الانجاز، وقد فعل خيرا المؤلفان بهذا السفر الرائع الذي لايمكن اختزاله من خلال عرض ولو بعشرات الصفحات، فلاشيء يغنيك عن قراءته لانك تقرا تاريخ وطنك وعبقرية من عبقرياتنا الميمزة، ومن فضائل الكتاب ايضا انه خصص فصلا للحديث عن عبقرية فارس الخوري، ولنا وطيد الامل وواسعه ان نرى في القريب العاجل دراسة تتحدث عنه شاعرا واديبا متميزا وخطيبا مفوها وهذا حقه علينا.
Yemenbbass@qmail.com