تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


الغرب الاستعماري وخاصية تبديل الجلد

متابعات سياسية
الخميس 12-10-2017
د: أحمد الحاج علي

الغرب كالأفعى يبدل جلده حسب الحال وتبعاً للوقائع والمهم عنده هو استمراره في نمو القوة المتضخمة، وهذا لايتحقق عادة كما علمنا التاريخ قديمه وحديثه إلا بالعدوان على الشعوب وباستخدام القتلى أداة ومنهجاً وبالذهاب إلى المراوغة والاحتيال في نشر السياسات الكاذبة وفي تنفيذ المشاريع الهمجية على الأرض وبين الناس .

إن هذه الفكرة ليست رد فعل على ممارسات همجية مازال الزمن يحتفظ بها مهما تطاول ، ومازال الواقع يضخمها بكل مافيها من شذوذ وانحراف حتى أيامنا هذه، ولدينا كل الدوافع الضاغطة لكي نستخرج هذا الحكم من قوى الغرب لأننا نحن دون غيرنا وقبل غيرنا من يكتوي بالنار ويتعرض للقتل والدمار باستهداف إرادي غربي مقصود .‏

ومن هنا يجتمع في التقويم شرطان أساسيان الأول هو طبيعة هذا الغرب من حيث ثقافته وذاكرته التاريخية والأبعاد المؤسسة في أنماط وعيه وسلوكه وكل ذلك يشير إلى حالة التلازم مابين الغرب والاستعمار ومابين الغرب والإرهاب ومابين الغرب والنهب المنظم والمستدام لخيرات الشعوب في كل أنحاء المعمورة ، وهنا تتبدى بوضوح نظرية تبديل الأفعى لجلدها، إذ الغرب يمتلك هذه الخاصية بدافع من تكوينه المعادي للحياة وللآخر وبهاجس يأخذ بعين الاعتبار درجة التحول والتبدل والتطور في هذا العالم وباستمرار يأتي الغرب بشقيه الأميركي والأوروبي وهو يرتدي لبوساً يناسب خصائص لحظة الجريمة في مسعى واضح للتغلغل في حياة الشعوب المستضعفة وللتوغل في المنهج الإرهابي القاتل الذي لايغيب أبداً عن فكر وممارسات هذا الغرب .‏

وبصورة منهجية نرى أن الغرب الاستعماري استقرت فيه خصائص ثابتة وهذه الخصائص تمتلك جذر الاستقرار في التفكير وديناميكية الاستمرار في الممارسة وبالمحصلة فإن خصائص الاستقرار والاستمرار عبر الجذر الإرهابي والاستعماري عند الغرب هو الذي يؤسس لمشاريع الغرب مع كل مرحلة تاريخية وهو الذي يفسر لنا هذا المدى الجارف من الجنوح بل من الجنون نحو احتضان مادة القتل للبشر على أنها نسغ الحياة ووسيلة هذا الغرب في التعامل مع الشعوب الآمنة والمستضعفة ونعرف تماماً أن المقدمة الكبرى في سلوك الغرب لاتتغير ولكنها تتطور وهي تنصرف في بعدين:الأول هو البحث الدائم عن تراكم قيم القتل والأدوات القاتلة والذهاب إلى الحد الذي يرى الغرب فيه العالم المسكين هو العدو الخطر الذي لابد من البحث عن كل وسائل الحماية من هذا العدو ،وهنا تكمن مضامين الفكرة التاريخية التلمودية التي تؤكد بأن الناس ذئاب فإن لم تقتلهم قتلوك ، لقد استولت هذه الفكرة الشرسة ، والشاذة على مناهج الغرب ومصادر التربية والوعي فيه ومقومات القوة المادية التي لابد من امتلاكها ولا مناص إلا من تطويرها وشحذها واستثمارها في قتل البشر وتحطيم العمران وتخريب نسق القيم الثاوية في حياة الشعوب ، والبعد الثاني الذي تنصرف فيه أخلاقية الغرب وسياساته في الالتزام والتلازم العضوي مع الحركة الصهيونية ومادتها عبر الكيان الإسرائيلي في الأرض العربية المحتلة ، إذ كلاهما استمد من الآخر المعنى والمغذى والسلوك، وقدم الغرب كل مؤثراته ومؤشراته للحركة الصهيونية وللكيان الإسرائيلي ، وقدمت الحركة الصهيونية كل( إبداعاتها) في قهر الآخر والعمل على إفنائه إن استطاعوا إليه سبيلا.‏

وفي هذه المقدرة المتخصصة عند هذه الحركة والغرب معاً في الخداع والتحايل واستثمار كل عوامل القهر ضد الآخرين . ونعود للمسألة الثانية في طرح بلاغة البيان التمثيلي مابين الغرب والأفعى ولاسيما في منحى تغيير الجلد المستمر أو الوافد عبر الحاجة الملحة والظرف المحدد ، لنرى أن هذا البعد يتمثل في أننا نحن العرب بل نحن السوريين نتلقى كل هذه السموم من الغرب وندفع الثمن من دماء أبنائنا ومن عذابات هذا الوطن الذي يريدونه الآن إلى أن يتحول إلى بيئة ومسارح ينفذ فيها الغرب الأميركي مشروعاته ويطبق فيه سياساته المحتلة بدون حرج أو تدقيق فيما سوف تنتجه هذه السياسات من آثار عميقة ومن جروح نازفة ومن عداءات لاتنضب بين البشر في الشرق والغرب ، وعلى قدر مانكون ساحة العذاب كذلك نتابع هذا البعد المخاتل في الادعاء بأن الغرب هو ضد الإرهاب وضد ممارسات هذا الإرهاب في الوطن السوري والعراقي، والعالم كله يتابع هذه الوقائع بل المسلسلات الإرهابية وهي تتوضع الآن في كل أنحاء الغرب الأوروبي والأميركي ، في فرنسا وبريطانيا وإيطاليا وفي ألمانيا واسبانيا وفي الدول الاسكندنافية إلى أن نتابع في هذه اللحظة تطبيقات الإرهاب في الداخل الأميركي نفسه وفي ولاية لاس فيغاس وعند اللحظة التي يعتقد الأميركيون أنها ساعات للمتعة واللهو والمجون فإذا بهم يتحولون إلى فرائس وطرائد والقتلى منهم بالعشرات ، وعندها تغيب أو تنتفي قوة أميركا في ردع الإرهاب وفي متابعة وجوده من المصدر إلى إطلاق النار، وعندها تختفي أدوات القوة عند أميركا وتبدأ عملية البحث عن ذرائع وأسباب مفتعلة لتبرير الإرهاب وتمريره في الذات الغربية نفسها، إنهم يبحثون عن التطابق مابين الانحرافات الأخلاقية الثاوية فيهم مع أولويات العمل الإجرامي التي مازالوا يعتقدون بأنها ضرورية وحيوية لتدمير الوطن السوري وقتل أبنائه ونسف مقومات بناء المواقف المشروعة والمشرقة المشهودة لهذا الوطن الذي وجد في السلام وبني في السلام ومازال صامداً من أجل السلام وكم هي سورية عظيمة وهي تستحوذ على هذا المدى من عبقرية الغرب المتفسخة في الإبداع للشر وفي ابتداع وسائل المكر والخداع ضد أمن ودور وسلامة هذا الوطن .‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية