فأميركا التي تدعم التنظيمات المتطرفة وتأمر أدواتها بتسهيل مرورها إلى سورية والعراق تتذمر من تلك الأدوات وتحملها وعلى لسان وزير دفاعها السابق أشتون كارتر المسؤولية عن تمدد تنظيم داعش المتطرف في طول العالم وعرضه.
لم ير كارتر دور بلاده في نشر هذه التنظيمات ولم يقرأ تقارير استخبارات إدارته عن اختراعها لداعش المتطرف وأخواته، ويبدو أنه لم يطلع على مذكرات هيلاري كلينتون التي تتحدث بالتفصيل عن الدور المشترك لأميركا وأدواتها في المنطقة في نشر الفوضى الهدامة ورعاية لوسيلتها أي التنظيمات المتطرفة ولذلك فإنه كأي مسؤول أميركي يحاول تضليل العالم من خلال تحميل أدوات بلاده الإقليمية المسؤولية وقلب الأدوار فيما بينها ومحاولة تبرئة واشنطن من كل جرائمها في المنطقة.
أما المفارقة الأكثر من صارخة فهي استمرار أميركا بالزعم أنها تحارب الإرهاب وتسعى بكل جهودها للقضاء على أداته الأكثر تطرفاً وهي تنظيم داعش في الوقت الذي تحمي عناصره من الانهيار وتحمي طرق هروبهم من الرقة ودير الزور ، وبالمقابل ترتكب المجازر بحق المدنيين الأبرياء بحجة قصف التنظيم المذكور.
ومثل هذا الكلام ليس مصدره التنبؤات أو الرجم بالغيب أو مجرد تحليل سياسي بل هو حقيقة تدعمها الشواهد والأدلة والوثائق والصور ويكفي أن نشير إلى التقارير الموثقة التي سربت مؤخراً وكشفت أن أميركا وردت خلال خمسة أشهر من العام الحالي مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات العسكرية إلى مجموعات قسد بحجة محاربة الإرهاب ليظهر لاحقاً أن تلك الأسلحة باتت بحوزة داعش وأخواتها في أكثر من منطقة في سورية.
باختصار مواقف أميركا وسياساتها غاية بالاحتيال ومحاولة استغفال العالم مرة بالزعم بمحاربة الإرهاب ومرة بالادعاء أنها ستقع ضحية لهجمات الإرهاب وأن هذه الهجمات ستعادل أحداث الحادي عشر من أيلول التي اخترعتها استخباراتها مع أنها مشغل التنظيمات المتطرفة في العالم وهي من أسسها ورعاها وحماها.