وبعضها الآخر على الدور الضعيف لشركات الوساطة في استقطاب المزيد من المستثمرين، وبعضها الثالث على عدم تشجيع حملة الأسهم لبيع جزء منها، ورابعها على قلة أيام وأوقات التداول، وخامسها على الأسعار، وهذه الجزئية على وجه التحديد تثير نقاشات عديدة في أوساط المراقبين والمهتمين، فماذا عنها؟
أسعار مرتفعة جداً..!!
بلا شك يعتبر ارتفاع أسعار الأسهم المدرجة في السوق أحد أهم الأسباب التي تحول دون تنشيط التداول، خاصة وأن هذه الأسعار لا تتناسب والقوة الشرائية للمواطنين، لأن هذا الارتفاع معناه بداهة أن على المستثمر تخصيص مبالغ أكبر لشراء عدد محدود من هذه الأسهم، في حين أن العكس تماما هو ما يجب أن يحدث، ولأن ايجابيات انخفاض الأسعار لا تعود بالفائدة على المستثمرين وحسب، بل على الشركات المدرجة أيضا، فالأسعار المنخفضة، أو الممكنة على أقل تقدير، تتيح عددا أكبر من أوامر البيع والشراء، وبالتالي دورانا أسرع لهذه الأسهم في السوق، وهذا يقود إلى تداول نشط تعود فوائده على الجهات ذات الصلة بالسوق جميعا عملا بالقاعدة الاقتصادية الشهيرة: بيع كثير مع سعر منخفض أفضل من بيع قليل مع سعر عال.
أسهم البورصات العربية
لا بد من الانتباه إلى أن المطالبة بأسهم ذات أسعار منخفضة ليست اختراعا سوريا خاصا بسوقنا المالية، بل هي مطالبة منسجمة مع ما هو معمول به في بورصات الجوار العربي، وحتى غير العربي، وللتدليل على ذلك، فإن أسعار أسهم بعض الشركات في البورصات العربية كانت في الرابع والعشرين من الشهر الفائت كما يلي:
وفي الوقت الذي تتدنى فيه هذه الأسعار، فإن الأسعار بالنسبة للأسهم السورية ما زالت مرتفعة جدا، بالرغم من حداثة تجربتنا في أسواق المال قياسا بالتجارب العربية العريقة نسبيا، كما أن القوة الشرائية لأغلب مواطني هذه الدول أعلى منها لدينا..!!؟
أس المشكلة
القيمة الاسمية المرتفعة للسهم هي أس المشكلة لدينا، وهي تتراوح عند الإصدار بين 500 و1000 ليرة، وبحسب الاستشاري المالي الدكتور عزت الميداني، فإن الدول تتجه حاليا لعدم المبالغة في هذه القيمة، بل جعلها قيمة تشجيعية يمكن من خلالها الوصول إلى أكبر شريحة ممكنة من المستثمرين المفترضين، فالقيمة الاسمية في الأردن مثلا هي دينار واحد، وفي السعودية عشرة ريالات، وفي الإمارات عشرة دراهم، وفي أميركا دولار واحد، وقس على ذلك..
ويقترح الميداني على هيئة الأوراق والأسواق المالية أن تطلب من الشركات المساهمة جعل القيمة الاسمية للسهم مئة ليرة كحد أعلى، مع جواز أن ينخفض إلى عشرة ليرات، وهذا يستدعي أن تقوم هذه الشركات بتجزئة السهم بنسبة عشرة إلى واحد، فتصبح القيمة الاسمية للسهم ذي الألف ليرة عبارة عن عشرة أسهم قيمة كل سهم منها مئة ليرة، وسيكون لهذا الإجراء انعكاسات ايجابية على حركة التداول، وهذا بالضبط ما تحتاجه سوقنا المالية الآن وفي المستقبل.
(حلحلة) البيع..!!
إزاء هذا الوضع، وبالإضافة لكل ما ذكر، لا بد وأن تمضي الشركات المدرجة في تشجيع المساهمين الكبار فيها على التنازل عن بعض ما يملكون من أسهم، وطرحها للبيع بدلا من الاحتفاظ بها ومحاولة الاستحواذ على غيرها، لأن من مصلحة السوق والشركات والوسطاء والمستثمرين أن تكون كميات اكبر من الأسهم بيد صغار المستثمرين، لأنهم هم من يحركون السوق، ويبعث فيها الحياة، والمتتبع لما يقوم به أحد البنوك المدرجة في السوق، والذي استحوذ حتى الآن على أعلى قيم وأحجام تداول، نجده يتبع هذه الاستراتيجية، ومن الواضح أنه بدأ يحصد بعض نتائجها، فهل تتنبه بقية الشركات المدرجة لها وتقتفي أثرها؟!