نتيجة للاستعمال الخاطئ حيناً، وللاستجرار غير المبرر حيناً آخر.. الأمر الذي دفع الجهات المعنية لإيلاء هذا الموضوع أهمية خاصة تمثلت في إصدار تشريعات وتعليمات وقوانين تتعلق بهذا التحول وتشجعه... لأنه يوفر 50٪ من المياه المستعملة في الري والسقاية على أقل تقدير.. وهي تصل إلى أكثر من 90٪ من مجموع المياه المتاحة.. في باطن الأرض وعلى سطحها.
غير أن كل هذه الجهود ظلت حتى الآن بعيدة عن تحقيق الهدف المنشود.. بسبب غياب ثقافة عامة للري الحديث عند المزارعين من جهة.. ولوجود تعقيدات كثيرة لدى الجهات المرخصة والممولة من جهة ثانية بحيث يمكن الحديث فقط عن نسب متواضعة لهذا التحول لا تتجاوز 15٪ في أحسن الحالات وفي مختلف أنحاء القطر تقريباً.
في حماة تبدو الصورة متشابهة مع سواها فمنذ صدور المرسوم رقم 91 لعام 2005 والمتضمن إحداث صندوق تمويل للمشروع الوطني للتحول إلى الري الحديث في وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي يقوم بمنح قروض طويلة الأجل دون فوائد لمدة عشر سنوات للفلاحين والمزارعين بتركيب أجهزة للري الحديث لم يلحظ أحد ذلك الإقبال المطلوب ليس لأن المزارعين لا يرغبون في هذا التحول وإنما بسبب جملة من التعقيدات الإدارية والمالية التي لخصها أحد المهتمين بالمشروع الوطني للتحول إلى الري الحديث وأهمها:
الآلية التي يتم بموجبها تمويل المقترضين والتي تقتضي عدداً من الشروط أولها: تقديم إثبات ملكية، وهي المعضلة الأساسية في الترخيص حيث تبرز في هذا المجال جملة من الصعوبات أهمها: تجزئة الملكة بين الورثة ووفاة عدد كبير منهم، أو وجودهم خارج القطر، وعدم وجود فرز أو تجميل للأراضي، ووجودها على المشاع.
وثانيها: الحصول على وثيقة بتوفر مصدر مائي مرخص أصولاً: وهذه إحدى أهم العقبات أيضاً لكون معظم الآبار في محافظة حماة غير مرخصة ،يضاف إلى ذلك أن الترخيص لم يحدد للآبار المنتهية مدة ترخيصها.. والواقعة على شبكات الري.
وثالثها: عدم جدية الفلاحين بتركيب عدادات على الآبار تتيح لهم استجرار المياه بالكمية المطلوبة ما يعني أن الغاية من التركيب والتقنين في استجرار المياه لم تتحقق.
ورابعها: وجود تعقيدات متعددة في آلية الحصول على القروض من الصندوق لأسباب أخرى يمكن بروزها عند التقدم بطلب للحصول عليها.
ومن هنا تبدو الصورة غير مشرقة وخاصة إذا علمنا أن عدد المستفيدين من قروض التحول إلى شبكات الري الحديث منذ بدء المنح بتاريخ 3/4/2007 ولغاية الشهر الثاني من العام الحالي لم تتجاوز 2190 مستفيداً لمساحة أرض تقدر بحوالي 14579 هكتاراً موزعة على مختلف أنحاء المحافظة.
وهناك صعوبات أخرى تتمثل في غياب وجود جهات معنية بالإرشاد المائي واستخدامات الشبكات المائية الحديثة يضاف إليها إقدام بائعي هذه الشبكات على رفع أسعارها بنسب متفاوتة قد تصل إلى 30٪ بحجة وجود فترة ضمان تمتد لسبع سنوات وإلزامهم بتقديم فواتير وما يترتب عليها من ضرائب ورسوم محلية... الأمر الذي ترك هذا التحول أمام جملة من التساؤلات التي تحتاج الإجابة عليها إلى قناعات أكيدة أن هذا التحول لابد منه ولا تراجع عنه.