وبرز ذلك بالقول ان الازمة المالية اثرت سلبا على السيولة وبالتالي على الاستثمار رغم وجود تسهيلات مالية وجمركية وادارية وتوفر بيئة جاذبة للاستثمار لكن لا يمكن ان نسقط تأثيرات الازمة المالية الراهنة على الاستثمار الاجنبي في سورية مشيرا الى ان قمة العشرين ركزت على معالجة نتائج الازمة المالية وليس معالجة اسبابها.
ورغم ذلك هناك سؤال لا يلبث ان يطفو على السطح دائما وهو: ما هي القنوات التي تغذيها الاستثمارات الاجنبية والى اي القطاعات تتجه؟؟!
في هذه المادة نحاول مقاربة واقع الاستثمار الاجنبي في سورية بالارتكاز على تقرير هيئة الاستثمار السورية الثالث الذي صدر مؤخرا فهو يفيد بأن الاستثمار الاجنبي يستمر بالتنامي حيث وصل عدد المشاريع الاستثمارية الاجنبية او التي تحتوي على شركاء عرب او اجانب المشملة بأحكام قانون تشجيع الاستثمار خلال الفترة (1991-2008) الى 234 مشروعا بتكاليف استثمارية للاجمالي وصلت الى 692.7 مليار ليرة اي 43٪ من اجمالي قيمة التكاليف الاستثمارية للمشاريع المشملة واضاف التقرير ان عدد الدول المشاركة باستثمارات في سورية بلغ ثمان وثلاثين دولة، وحافظ المستثمرون الاتراك على صدارة قائمة الاستثمارات الاجنبية الوافدة بـ 28 مشروعا وتصدر المستثمرون العراقيون قائمة الدول العربية بـ 34 مشروعا ويليهم المستثمرون الكويتيون 25 مشروعا ثم اللبنانيون بـ 23 مشروعا فالسعوديون 21 مشروعا.
ويعزى ذلك الى تبسيط وتحسين النظم والاجراءات المتعلقة بمعاملة الاستثمار وتعزيز جهود الترويج للاستثمار وخلق شبكة علاقات داخلية وخارجية من قبل الحكومة ورجال الاعمال السوريين تهدف الى استقطاب المستثمرين وعودة الاموال السورية المغتربة.
وفي هذا الصدد يرى الدكتور مطانيوس حبيب الباحث الاقتصادي ان الاستثمارات الخارجية المباشرة في سورية تتوجه نحو القطاعات التي يتوقع ان تكون اعلى ربحية كمجال السياحة و الاستثمارات المالية وليس التوجه الى الاقتصاد الحقيقي المتمثل في الصناعة والزراعة كون هذين القطاعين لم يستثيروا اهتمام الاستثمارات الخارجية.
وباعتقاد د.حبيب ان مجال الطاقة وخاصة النفط والغاز هو المجال الاكثر جاذبية للاستثمارات الخارجية حيث لعبت هذه الاستثمارات دورا ايجابيا في زيادة انتاج النفط خلال العقود السابقة وساهمت الايرادات التي حصلت عليها الدولة في تمويل مشروعات كبيرة وادخلت هذه الاستثمارات تقانات حديثة جدا ساعدت في دعم جهود القطاع الحكومي في مجال استثمار النفط والغاز.
ويرى د.حبيب ان العالم كله الان مهتم بتقييم الاستثمارات الاجنبية المباشرة للانتقال من بلد الى اخر حيث هدف الاستثمارات برأيه يكون دائما تحقيق الربح .
وبالعودة الى التقرير السنوي لمناخ الاستثمار في الدول العربية لعام 2005 والذي تصدره المؤسسة العربية لضمان الاستثمار تبين ان ثماني دول عربية قد شهدت ارتفاعا في حصتها في تدفقات الاستثمار الاجنبي المباشر سادسها سورية التي استقطبت 2.7 مليار دولار وحصة 9.9٪ من اجمالي الاستثمارات الاجنبية الواردة الى الدول العربية.
اشار التقرير الى ان صافي تدفق الاستثمار الاجنبي المباشر الى سورية خلال عام 2008 بلغ 1187 مليون دولار في حين بلغ 898 مليون دولار في عام 2007 و 613 مليون دولار عام 2006.
واوضح التقرير ان سورية شهدت استثمارات اجنبية كبيرة خلال الاعوام الثلاثة الماضية فقد قدرت الاستثمارات الايرانية بحدود 60 مليون دولار كما تجاوزت الاستثمارات التركية 50 مليون دولارا في قطاعات مختلفة .
ففي قطاع النفظ بلغ عدد الاستثمارات الاجنبية المنفذة 415 مشروع في عام 2008 وفي قطاع السياحة بلغ 490 مشروعا لنفس العام وفي قطاع التأمين 23 مشروعا وفي قطاع المصارف الخاصة والاسلامية المرخص لها 28 مشروعا وفي استثمارات قانون تشجيع الاستثمار بلغ 250 مشروعا واستثمارات في قطاعات اخرى بلغت 54 مشروعا اي ان اجمالي مشروعات الاستثمار الاجنبي المباشر المنفذ بلغ 1282 مشروعا.
وفي السياق يرى الدكتور حبيب ان الامر الاساسي الذي جعل سورية في ترتيب متأخر لجذب الاستثمارات قياسا بالدول العربية هو عدم استجابة الموظفين الاداريين لتخفيف الروتين وتيسير الاستثمار الاجنبي وكثيرا ما تشكو الشركات الاجنبية من سوء الادارة ما يخفف من جاذبية سورية للاستثمارات.
واضاف انه بالرغم من دعم القيادة السياسية والتنفيذية في البلد لجذب الاستثمارات الاجنبية واعتبارها احدى الروافع التي تسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية في سورية فالتقارير الدولية تضع سورية في مرتبة متأخرة جدا لجهة تسهيل اقامة المشروعات ما يشكل عاملا سلبيا لجذب الاستثمارات .