وإظهار الطرف الآخر أي الفلسطينيين على أنهم يقفون في وجه هذه الطروحات وذلك بعد فرض شروط تعجيزية عليهم ومحاولة دفعهم للتخلي عن حقوقهم المشروعة وبالتالي تحميلهم مسؤولية الفشل في تحقيق السلام على الطريقة الاسرائيلية، وهي سياسة لطالما مارستها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة بهدف إلقاء اللوم على الشعب الفلسطيني وبالتالي مسؤوليته فيما يتعرض من أشكال مختلفة من العدوان والظلم والحصار الإسرائيلي.
واللافت للنظر أن أعضاء حكومة الاحتلال التي يتزعمها نتنياهو قد خلت برامجهم السياسية من أي إشارة أو حديث عن الحقوق المغتصبة للفلسطينيين وكيفية إعادتها لهم وخاصة الحقوق التي كفلتها المواثيق والقرارات الدولية مثل حق العودة للاجئين الفلسطينيين والعودة إلى حدود الرابع من حزيران عام 1967 وضمان أن تكون القدس عاصمة للدولة الفلسطينية التي تدل كل المعطيات والوقائع على أن قادة الاحتلال وساسته غير معنيين بها ولابالوصول له، بل إن المعطيات على الأرض تدل على نية دولة الاحتلال منع إقامة مثل هذه الدولة من خلال مواصلة أعمال التهويد واستكمال بناء الجدار العنصري الذي قطع الأراضي الفلسطينية وجعلها أجزاء معزولة لاترتبط مع بعضهاالبعض،لاجغرافياً ولاديمغرافياً، فعن أي دولة فلسطينية يتحدثون... وعن أي سلام؟
فأي سلام يمكن أن يتحقق فيما قادة الاحتلال يستمرون في أعمال التوسع والعدوان والاستيطان والتي كان أخرها قرار إيلي يشاي وزير داخلية العدو بإنشاء 6000 وحدة استيطانية جديدة والتي تعتبر بمثابة إعلان حرب على مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى بعد مصادرة 12 ألف دونم من أراضيها وضمها لمستوطنة معاليه أدوميم لبناء الوحدات الجديدة والغاية عزل مدينة القدس عن محيطها وعن الضفة الغربية المترافق بتقليص عدد الفلسطينيين في القدس من خلال عمليات هدم منازلهم وتهجيرهم دونما وجه حق مستفيدين من قوانين تجير لمصلحة المستوطنين.
واللافت للانتباه أيضاً تكاثر أحاديث السلام في الآونة الأخيرة في وقت يتواصل فيه العدوان على أبناء الشعب الفلسطيني بحراً وجواً وبراً من خلال سلسلة الاعتداءات اليومية التي تنفذها من أعمال اغتيالات وقتل مترافقة بحصار جائر لقطاع غزة طال جميع سبل الحياة وجعل من القطاع أكبر سجن في العالم ومنطقة معزولة ومحرومة من معظم الخدمات والحاجات الأساسية في أبشع ظاهرة عرفها التاريخ الحديث عبر حصار شعب بأكمله بعيداً عن كل ما تعارف عليه البشر والقوانين والمواثيق الدولية.
وبات المواطن الفلسطيني في أدنى حاجات الكفاف والحاجة إلى أبسط مقومات الحياة بدءاً من رغيف الخبز والمياه الصالحة للشرب وانتهاء بحريته المأسورة والمصادرة عبر هذا السجن الكبير الذي قطع كل أواصر الحياة في القطاع وجعلها جحيماً لايطاق.
وبالرغم من نداءات المؤسسات الدولية لرفع هذا الحصار والتحذير من خطورة استمراره إلا أن هذه النداءات على بساطتها والحاجة لماهو أكثر منها لاتلقى آذاناً صاغية لدى قادة هذا الكيان الإرهابي الذين يصرون على سياستهم الإرهابية عبر مواصلة التهديدات وأعمال القتل والحصار على اعتقاد منهم أن ذلك سيكسر إرادة الشعب الفلسطيني ويدفعه للتخلي عن حقوقه المشروعة، وبدلاً من أن يصغوا لصوت العقل نجدهم يزيدون في إجرامهم وأعمالهم العنصرية.
وفيما تحاول سلطات الاحتلال إيهام العالم برغبتها وقف أعمال العنف والقتل بحق الفلسطينيين ونزوعها نحو السلام تقوم فعلياً بمواصلة تشديد الحصار عليهم وتمنع عنهم الطعام والدواء وتدمر الصناعة والزراعة وتعرقل حركة البضائع والأفراد من وإلى القطاع، وهذا الأمر جعل من حياة الفلسطينيين جحيماً لايطاق عبر هذه السياسات القمعية التي تتنافى مع حقوق الإنسان وعلى كل ماتعارف عليه البشر!
والسؤال الذي يطرح نفسه كيف يمكن تحقيق السلام مع كيان يدعو قادته علنياً إلى قتل الفلسطينيين؟ فقادة هذا الكيان لايفهمون سوى لغة الدم والقتل والتطهير وهو ماتثبته الوقائع اليومية القائمة على التنفيذ الفعلي للأعمال الإرهابية بحق الفلسطينيين بعيداً عن قيم السلام والحوار والتي من بديهيات الوصول إليها إعادة الحق لأصحابه ومن ثم يمكن الحديث عن السلام!