تندهش المرأة خاصة إذا كانت تحس أنها قدمت كل واجباتها وكانت صاحبة قفشات وخفة دم وروحها مرحة.
لكنها لا تنتبه إلى بعض التفاصيل الصغيرة التي تجعل آدمها يهرول مسرعاً للحاق برفاقه إلى طاولة المقهى, حتى ولو كان هذا الأخير بسيطا ولا تتوفر فيه سبل الراحة.
السبب الأول أن القهوجي لا يتأفف من طلباته من شاي وقهوة أو أي مشروب, ولا يقول له: أنا تعبان. قوم اعمل لحالك.. ورجع الكاسات لمكانها.
هذه الجملة لن يسمعها في المقهى حتى لو كان القهوجي تعبان, فالرجل هنا يأمر فيطاع, وليس كما في المنزل, كل طلب لا ينفذ بدون كثرة كلام ورفض.
كذلك فهو يأخذ راحته إذا أراد التحدث عن علاقات زملائه النسائىة دون أن يجد من يقول له أنه مثلهم لأنه يعاشرهم ويتعامل معهم, ودون أن يتلقى ردة فعل مؤنبة تطلب منه عدم التحدث إليهم حتى لا يصبح مثلهم,. إنه يتحدث بكل حرية في المقهى دون أن يفكر بما يقوله أو يحسب حساب كل كلمة ينطق بها..
وفي المقهى يجلس حيثما يشاء دون أن يجد من يقول له أن يتحرك من المكان لأنه يريد تنظيفه أو نظفه منذ قليل.. وهو في المقهى لن تقوم الدنيا وتقعد إذا نزل (زرزور السيجارة) دون قصد.. أما في المنزل فيا لطيف من نظرة المدام التي تكفيه ليقوم بسرعة وينظف ما قام به دون قصد.
وحين يكون الرجل في المقهى يشاهد محطات التلفزيون خاصة تلك التي تقدم كليبات لفنانات جميلات سيجد صديقه يداعبه بأنه أكلها بعيونه, وهنا يشعر برجولته ويبدي إعجابه الشديد بها دون أي خجل, ولكن في المنزل سيسمع تعليقات لاذعة من زوجته إضافة إلى تغيير المحطة إلى الأخبار أو المسلسلات الاجتماعية الهادفة وأحلى ما يجده الرجل في المقهى تذكر أيام العزوبية فهو يسهر ويضحك ويصهلل ويتأخر خارجاً ويأكل براحته وبشراهة دون أن يجد زوجته تقول له إن الأكل بهذه الطريقة خارج عن الأصول والإتكيت وهكذا يجد الرجل نفسه هارباً ولو لساعة إلى المقهى ليغير أجواء الاحتقان في المنزل وحتى النظام الزائد.. فهل أنت من هؤلاء الذين يهربون إلى المقهى?.