تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


عدوى الجدار العازل !

ترجمة
الأربعاء 23/1/2008
ترجمة : سهيلة حمامة

إن سقوط جدار برلين لا يعلن عن (نهاية التاريخ) بل إنه يمهد لقفزات فجائية وتشهد على ذلك حواجز البيتون

والأسلاك الشائكة التي زرعت قبل عام 1989 شمال ريوغراند وشرق دجلة وذلك لصد الهجرات غير الشرعية ومكافحة العنف, ويطلق عليها جدران البغض والخوف والإذلال والعجز, إنها عدوى الانغلاق على الذات داخل الحدود في الوقت الذي يفترض أن تمحو العولمة كل حاجز يفصل بين البشر ويدمر العلاقات المتبادلة.‏

فالسياج (الأمني!) الذي يفصل إسرائيل عن الضفة الغربية يبلغ طوله 730كم والأميركي الآخر الممتد من كاليفورنيا إلى تكساس شمال المكسيك يصل إلى 1120كم كما أن جدار بغداد وطوله 5 كم بناه الأميركيون أنفسهم لعزل العراقيين عن بعضهم البعض.‏

وفي العالم كله تقف الجدران العازلة حائلاً دون تواصل الشعوب والمجموعات الدينية والإثنية لتزيدهم نفوراً وعداوة, فالهند تريد أن تجعل حدودها مع باكستان في إقليم كشمير غير قابلة للنفوذ أو التسلل, وبدورها أنشأت الصين منطقة أمن بالقرب من كوريا الشمالية وتفصل كوريا الجنوبية بخط تماس, كما تنوي تايلاند إنشاء سور يفصل المسلمين في الجنوب عن شمال ماليزيا.‏

وتحيط إسبانيا مقاطعتي سبتة ومليلة في المغرب بالأسلاك الشائكة, وفي قبرص ثمة خط أخضر يفصلها إلى قسمين: القسم اليوناني في الجنوب والتركي في الشمال كما أن (خطوط سلام) في بلفاست تفصل اليوم الكاثوليك عن البروتستانت.‏

وبدورها أقامت الصين جداراً كتيماً لعزل شعب الهانز خلفه, وعلى الرغم من قتامة هذه الصورة يؤكد بوي إكزان, أستاذ العلاقات الدولية في جامعة باريس إلى أنه سيأتي يوم يفرض فيه الاندماج ذاته وسوف يتحقق السلام في ربوع الأرض وسيستأنف المهاجرون رحلاتهم ثم (إن التأخير أو المماطلة في هدم الحدود لا يعني بتاتاً الامتناع). وفي الحقيقة تعزل الجدران الشعوب في الوقت الذي يمهد التاريخ والجغرافيا للعيش معاً. انظروا ألمانيا الغربية والشرقية, الكاثوليك والبروتستانت في بلفاست, الإسرائيليين والفلسطينيين في الضفة الغربيةو الأميركيين على ضفتي ريو غراند وهو انعكاس لماضيهم المشترك, فقبل رفع العلم كانت تكساس وكاليفورنيا ولايتين مكسيكيتين.‏

وتحكي الجدران العصور التي شيدت حينها: الحرب الباردة عام ,1989 بعد الحادي عشر من أيلول, الفوارق بين البلدان المتقدمة.‏

وقد اعتبر بوش أول ناشر فيروس للعزل, وهو من جعل الإسرائيليين يعمقون يأس الشعب الفلسطيني وهو من وقع على قرار إقامة الجدار العازل (الأمني) عام 2006 الذي يفصل أميركا والمكسيك, وأيضاً هو من أمر جنوده بعزل العراقيين القاطنين في حي الأعظمية شمال بغداد عن إخوتهم.‏

وفي هذا الصدد صرحت لجنة العدل الدولية في لاهاي أن الجدار الإسرائيلي غير شرعي, لكنها لم تتمكن من أن تثني حكومة أولمرت عن ذلك الذي عمل على تشميع الجدار لمنع تسرب الفلسطينيين الذين غالباً ما يأتون من الضفة الغربية للأردن.‏

ولعل أول من أطلق اسم جدار الفصل العنصري الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر وقد اختير هذا الجدار بنجاح في غزة حيث تدعي إسرائيل أنه منع بالكامل تسلل الانتحاريين والمحاصرين منذ زمن طويل من قبلها. بناء الجدار العازل في الضفة الغربية أصبح على حدود بغداد ليعمل على إذلال المحتجزين الأبرياء ولقد عارض رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الحليف لبوش ذلك, ولكن دون جدوى, إنه يخشى أن يصبح حي الأعظمية بما يشبه الغيتو ليضيف الكثير من الفوضى والضياع, كما أدان المكسيكيون الحدود التي فرضها ناشر الفوضى والخراب (بوش).‏

وفي عام 2008 تكون ولاية بوش قد أشرفت على الانتهاء بعد أن خلف الدمار في مناطق عديدة من العالم وعمل على تقهقر أميركا وربما بداية لسقوطها.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية