في علاقاتها مع الدول التي ستعترف باستقلال كوسوفو عن صربيا, وهذه الخطوة ليست إلا جزءاً من مجموعة خطوات قد تقدم عليها بلغراد حرصاً منها للحفاظ على وحدة أراضيها.
وبعد فشل المحادثات في مجلس الأمن بشأن مستقبل كوسوفو, والنية بعودته لهذا الملف مجدداً, فإن الفرص شبه معدومة في التوصل إلى نتائج معينة في تقريب وجهات نظر الأطراف ولو بالحد الأدنى.
واليوم يبدو أن السلطات الصربية ستعمل بكل عزم لحماية وحدة أراضيها بنفسها, وكان البرلمان الصربي قد اتخذ مجموعة من القرارات التي من المفترض أن تعيد الدول المستعدة للاعتراف باستقلال كوسوفو حساباتها باتجاه آخر, ومما جاء في قرار البرلمان الصربي (إن البرلمان يحمل قادة كوسوفو الذين تهربوا من الحوار الذي كان من الممكن أن ينتهي بإيجاد حل وسط مناسب للجميع).
وكانت موسكو قد عبرت عن موقف مماثل غير مرة, وفي واقع الأمرفإن الصرب كانوا مستعدين لتقديم صلاحيات واسعة في إطار حكم ذاتي, تكاد تكون أقرب إلى الاستقلال, ولكن ألبان كوسوفو وبتحريض أجنبي غربي مازالوا يصرون على الاستقلال التام وبأسرع مايمكن, مع ضمان حقهم بالعضوية في هيئة الأمم المتحدة.
وحمل قرار البرلمان الصربي, الغرب مسؤولية جزئية عن توقف المفاوضات بين الصرب وكوسوفو, وبشكل رئيسي للولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي التي أعطت لكوسوفو أملاً بالاعتراف باستقلالها, قبل انتهاء المفاوضات مع الصرب, حتى أن بعض الدول وقفت ضد استمرار المفاوضات بشأن الوضع المستقبلي لكوسوفو, الأمرالذي حرم مجلس الأمن الدولي إمكانية التوصل إلى حل يناسب الأطراف كافة, وهذا الموقف كان بمثابة تحريض غربي لقادة ألبان كوسوفو.
لقد قلصت صربيا مستوى التمثيل الدبلوماسي مع الدول الغربية المحرضة على انفصال كوسوفو, واليوم تهدد باتخاذ خطوات أوسع, وكما أعلن الصرب بأنهم غير مستعدين للتضحية بتمزيق وطنهم مقابل انضمامهم لعضوية الاتحاد الأوروبي, وصرح رئيس وزراء صربيا أن مسيرة بلاده باتجاه الانضمام للاتحاد الأوروبي مشترطة بالحفاظ على وحدة أراضي بلاده وأبدى استعداده لإيقاف خطوات التكامل مع الاتحاد الأوروبي في حال اعترفت أي دولة من دوله باستقلال كوسوفو, بينما كان الرئيس الصربي أكثر ليونة في موقفه من رئيس الوزراء, فقد صرح بأنه لايجوزحرمان صربيا من مستقبلها الأوروبي بسبب كوسوفو, ولكن قرار البرلمان نص حرفياً على أن كل الاتفاقيات التي ستبرمها صربيا لاحقاً يجب أن تأخذ وحدة الأراضي الصربية بعين الاعتبار, وكما هو معروف , أنه في نهاية هذا الشهر كانون الثاني, من المنتظر أن توقع صربيا اتفاقية لبدء عملية التكامل مع الاتحاد الأوروبي, وسيكون موضوع وحدة الأراضي الصربية تحت الاختبار الواقعي, ولاسيما أن صربيا رفضت تسليم مهام القوات الدولية في كوسوفو للأوروبيين وكانت روسيا على لسان وزير خارجيتها لافروف قد أعلنت أنها لن توافق على (تغيير بنية التواجد المدني الحالي للبعثة الدولية في كوسوفو, أو تأسيس بعثة موازية أو بديلة عن البعثة الدولية) في غضون ذلك فقد نسق الاتحاد الأوروبي الخطوات اللازمة لإرسال بعثة من رجال الشرطة إلى كوسوفو.
وإضافة إلى كل ذلك فقد أعلنت صربيا عن موقفها الحيادي, حيث امتنعت عن الانضمام إلى حلف الناتو, وعندما طلب منها, أعلنت أن مثل هذه الخطوة تتطلب استفتاءً شعبياً, والأغلب أن الصرب الذين قصفتهم طائرات الناتو لن يصوتوا لصالح العضوية فيه.
بيد أن السؤال هو هل ستذهب السلطة في صربيا حتى النهاية من أجل الحفاظ على وحدة الأراضي الصربية?
والسؤال الأخير الأكثر أهمية إلى أي حد سيذهب الغرب أو تلك الدول التي ترى أنه لاحل لأزمة كوسوفو إلاباستقلال الإقليم? وهل أوروبا مستعدة للتضحية بواحدة من دولها من أجل قيام دولة جديدة?!.