من إصدارات هذا العام كاتبه هانس جورج بيتس وهو مراقب حذق للحركات السياسية الكبرى على الصعيد العالمي ويعمل باحثاً في المركز الكندي للدراسات الألمانية الأوروبية في جامعة يورك وقد ذاع صيته في أوروبا سابقاً من خلال كتاب مهم نشره عام ,2004 وأحدث ضجة كبرى وكان الكتاب حول عودة شعبية اليمين في أوروبا, أما هذه المرة فيتناول في كتابه الأخير معطيات جديدة حول المواطنية في الولايات المتحدة والتي هي اليوم فريسة انقسام ثقافي وإيديولوجي عميق أكثرمما يتصوره سكان القارة العجوز الذين أصبحوا ينظرون اليوم إلى أميركا بأنها فقط أميركا الرئيس جورج بوش, كما يذكر بأنه عندما تم انتخاب بوش عام 2004 بعد مواجهة حادة بينه وبين جون كيري تساءلت إحدى الصحف البريطانية (ديلي ميرور) على صفحاتها الأولى وبالخط العريض كيف يمكن ل 59 مليوناً ونيف أن يكونوا على هذه الدرجة من الغباء, طبعاً يقصد هنا الملايين التي انتخبت بوش وتبعتها معظم الدول الأوروبية بموقفها هذا, لكن وبحسب رأي المؤلف يرى أن الحذر أصبح بشكل أو بآخر شبه عام في الاتحاد الأوروبي وهذا يبين أن الصورة تغيرت لدى الرأي العام الأوروبي في مستوى فهم وتقدير التغييرات الكبرى التي حدثت وتحدث في الثقافة السياسية الأميركية خلال السنوات الأخيرة, ويتساءل مؤلف الكتاب: هل اطلعت هذه الشعوب على كل تفاصيل الانقسامات الايديولوجية في أميركا وهذه الردة الأصولية المتنامية لدى الناخب الأميركي في صفوف كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي.
إن الأرقام والنسب متقاربة بشكل كبير ومن هنا يحلل الكاتب آلية ومدى وقع هذا التطرف والاستقطاب ويقوم بتشريحه لدى الحزبين الكبيرين, فهناك اليسار العلماني واليمين المسيحي الذي ىتبجح بالسلطة بشكل لم يسبق له مثيل, وقد استعان الكاتب بوثائق غنية من جداول وإحصائيات ومصادر تساعد الناخب الأميركي في فهم الخيارات القادمة في مرحلة الانتخابات الأولية لعل الأميركيين يتخذون مواقفهم تبعاً لقناعاتهم وليس للبرامج والمقترحات السياسية للمرشحين, والقيم الأخلاقية التي ينادي بها المرشحون يدركها الجميع, وبذلك أصبح الخيار اليوم أن تكون ديمقراطياً أوجمهورياً هوقضية خيار ثقافي بل حتى عاطفي وليس فيما يخص الأمور السياسية فقط بل هناك مسائل أخرى أيضاً منها الإجهاض والزواج بين الذكور ودور العائلة ومكانة الدين في الحياة العامة.