ومصيرهم يشكل حتى اليوم أهم المسائل الشائكة في مسألة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي. ويشعر الإسرائيليون بتهديد الشعب الفلسطيني بسبب مطالبتهم بحق العودة التي تحاول اسرائيل المساومة عليه.
يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين اليوم ستة ملايين نسمة, /700/ ألف منهم يعيش في الضفة الغربية, ومايقارب المليون في قطاع غزة و /1.9/ مليون في الأردن والباقي موزع على باقي الدول العربية.
وهم يؤكدون انتماءهم إلى بلدهم الأم. ولاتزال الأغلبية تحتفظ بمفاتيح ممتلكاتها وأسمائها أملاً في العودة إليها يوماً ما. ويمنح القرار /194/ الصادر عن مجلس الأمن هؤلاء اللاجئين حق الاختيار بين العودة إلى ديارهم أو بتعويض مالي.
مع ذلك تستبعد اسرائيل أي شكل للعودة وهي التي دمّرت قرى الفلسطينيين عام 1948 لمنعهم مجرد التفكير في العودة. والأمر يتعلق بوجودية الدولة العبرية, التي ترتئي حفظ أغلبية يهودية لتتمكن من الاستمرار كدولة يهودية.
عادت هذه المسألة إلى الظهور بعد انعقاد مؤتمر أنا بوليس بالولايات المتحدة في نهاية تشرين الثاني الماضي برعاية الرئيس الأميركي جورج بوش.
طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت الفلسطينيين أن يعترفوا باسرائيل ( باعتبارها دولة للشعب اليهودي ) وهو يرى في هذا الأمر نقطة الانطلاق في مفاوضات السلام التي يسعى إليها الطرفان.
من جهة الفلسطينيين وصفوا هذا الطلب (بالمرفوض). والاعتراف باسرائيل كدولة لليهود يعني تخليهم عن ( حق العودة ). نحن نرفض هذا الاقتراح, ونعترف بدولة اسرائيل ضمن حدود معينة نحن لانتكلم عن دين دولة لكن عن حدودها, هذا ماقاله المفاوض الفلسطيني صائب عريقات.
وبناءً على استفتاء شعبي جرى مؤخراً اتضح أن 67% من الفلسطينيين يرفضون التخلي عن حق العودة ويأملون تحقيق دولة تستطيع العيش بسلام إلى جانب اسرائيل.
مع ذلك تظل مسألة حق العودة عاطفياً قوية جداً. ويؤكد هذا القول قصة عبد الحليم نطاح. كان عبد الحليم صغيراً حين أجبر على مغادرة قريته بيت جبران عام 1948 أثناء الحرب الإسرائيلية - الفلسطينية والتي رافقت تشكيل الدولة اليهودية.
اليوم, هذا الراعي العجوز طرده الجيش الإسرائيلي مجدداً نحو الشرق هو وعائلته وجيرانه وخرافه. وجرّف جنود الاحتلال المخيمات والخيم التي تشكل قريته الصغيرة لبناء إحدى نقاط العبور في ( الحواجز الأمنية ) التي تفصل اسرائيل عن الضفة الغربية.
نطاح الذي يبلغ الثالثة والستين من عمره, لايزال يذكر منزله في قرية بيت جبران وغنى أراضيهم الزراعية, فهو يقول:(لا أحد يصدّق أن الإسرائيليين سيسمحون لنا بالعودة يوماً ما).
مع ذلك, تجده يتجرّع الغضب وهو يروي إقصاءه الجديد: ( فهمت معنى الإهانة التي عاناها والدي قبل ستين عاماً ).
ومثل أغلب الفلسطينيين لايصدق عبد الحليم النطاح الوعود التي قدمتها قمة أنا بوليس بإقامة دولة فلسطينية في نهاية العام .2008 ولا بالرغبة الحقيقية للرئيس الأمريكي حول اضطلاعه لتسريع مفاوضات السلام. بانتظار ذلك, فهو يفضل التمسك بحلم العودة.