تجاه وجوه وملامح كتابهم المفضلين, مع الوقت اكتشفت أشياء وتأكدت لي أشياء أخرى, منها أن الجمال أو الحسن ليس قاسماً مشتركاً أو محتملاً يمكن أن يجمع الكتاب, إنما في الغالب الأمر بالعكس, طبعاً ليسوا بقبيحين, لكن مميزين, لهم وجوه تنطبع في الذهن بطريقة خاصة, بعضها له وسامة متخصصة بالحزن يبدو فيها الوجه بسيطاً, صخرياً,وصلباً وغير مأهول, مثل تولستوي ودوستيفسكي, ووجوه أخرى فيها عيون مخضلة بمياه أوقيانوس يضيئها قمر الرغبة, ملامح تشي بقلب كامل التسليح لملاعبة الحب, وهذه عادة تكون وجوهاً وسيمة على نحو صريح مثل وجه ماريو بارغاس يوسا ونزار قباني ووجوه تكون فيها العينان ذروتين من البراكين الثائرة تتصدر وجهاً ينبثق خارجاً من ظلمة غامضة مثل نصل, كوجهي ليرمنتوف ولوركا.
وهنالك وجوه تبدو للوهلة الأولى أرضاً خاوية تحتاج إلى خطوة تأمل لتدرك بعد ذلك ذكاء نهر يشق طريقه إلى البحر, مثل وجه باولو كويلهو, وهنالك وجوه نحيلة مأكولة استهلكها أرق ينتظر الهجعة الأخيرة مثل وجهي فرجينيا وولف وألبير كامو, وثمة وجه فيه من الثبات بحيث أنه يقول لك إنه يتمكن من الإجابة على كل الأسئلة,وبمفتاح واحد مثل ماركيز.
وقد تجد وجهاً له باب وحيد موصد بالحيرة, فيه فم يجرؤ على اعتراض الشتاء بالقبلات مثل وجه بول ايلوار.
بعض وجوه الأدباء جميلة لكن بمنطق غريب مثل وجه الشاعرة الروسية آنا أخماتوفا, عينان خضراوان كعيني فهدة, وأنف بعظمة ناتئة عالية دون أن تكون أنفاً طويلة, جمال ارستقراطي حزين يذكرك بسرب بجع يرفرف تواقاً إلى الغياب..
وهنالك وجوه فيها ومضة عناد شعثاء تغشاها عينان تختزلان أربعة فصول بلحظة واحدة مثل وجه غادة السمان.
ووجوه أخرى تنبئ عن قدرتها على المشي صوب أشياء مهجورة, عيون تخبئ مجرات حزن خامدة, ما من وسامة محتملة, فقط ملامح تتكسر الأمواج على صخورها القلقة مثل وجوه بدر شاكر السياب وأمل دنقل وخليل حاوي.