|
قراءة في حدث.. رسالة محبة وسلام آراء فإن القبح سيبقى يحتفظ بشيء من ملامحه بحيث لايمكن إزالته باستخدام المساحيق أو اللجوء إلى عمليات التجميل . في هذا الصدد يمكن القول أيضاً بأن القبح عندما يكون متأصلاً في النفس لافي الأجزاء الواضحة للعيان فمن المستحيل أن تتمكن الوسائل أيا كانت وعلى اختلاف أنواعها , من إزالته لأنه يكون قد غدا جزءاً لايتجزأ من شخصية صاحبه , خصوصاً عندما تكون ممارساته اليومية سبباً في ظهوره على السطح. تحضرني هذه الخاطرة وأنا أقرأ تصريحاً للفنان منصور الرحباني قبل بضعة أيام وفيه قوله: ( إننا أصحاب القضية , وفيروز تحمل رسالة محبة وسلام من لبنان إلى سورية , إنها تحمل رسالة صداقة لاعمالة ,ونحن أدرى بمصلحة الفن المنزهة عن السياسة) . لم يقل منصور الرحباني بأنهم أصحاب مجرد قضية خالية من ال التعريف قال بالقضية الأكبر والأوسع وذلك لاتصالها بالمصلحة الوطنية والقومية على حد سواء , ذلك لأن الفن رسالة تتخطى المناسبات العابرة إلى القضايا التي تشمل هواجس الحاضر والمستقبل مثلما هي تستوعب هواجس الأمس القريب والبعيد معاً . من هنا كان رد الفعل على لسان الفنان الرحباني فضلاً عن العديد من التعليقات التي سبقت حتى يوم أمس تستنكر أن يتصدى أصحاب الوجوه القبيحة لهذه المبادرة الوطنية والقومية التي قرر الرحابنة الإقدام على اتخاذها استجابة لمحبة السوريين للفن الرفيع المتأصل في مدرستهم عبرالعقود الطويلة التي سبقت . إننا في سورية العرب والعروبة منذ أن كنا أطفالاً حتى اللحظة لانمل ولانضجر من سماع رنين صوت الفنانة العظيمة فيروز يزف إلى أسماعنا الفرح والطمأنينة . حين تحتضن دمشق , دمشق عاصمة الثقافة العربية عبر عصورها المتتالية منذ أن كانت إلى وقتنا الراهن فإنما هي تحيي في شخص الفنانة فيروز الوفاء والاعتداد بالنفس رداً على أصحاب الوجوه القبيحة حيثما وجد أصحابها وأيا كانت صفاتهم ومواقعهم . إن دمشق هي لكل العرب , وأرضها موطئ أقدام الشرفاء من أبناء الأمة العربية, ومن المستحيل أن ينتزع أحد محبتها من قلوب من عاشوا زمن ( ربينا سوا) وما زالوا يحلمون بالعودة إلى هذا الزمن الذي لم يفقد ألقه رغم كل مامر عليه من ظروف الطعن من الخلف ومن دون استحياء وصولاً حتى الليل من كبار فناني وطننا بمواقف تحاول عرقلة احتضان دمشق الأبية لفنانة هي لكل العرب لالبلد واحد من أقطار أوطانهم المجزأة بفعل فاعل في زمن الاستعمار. إنه لأمر طبيعي أن نقرأ , لسبب أو لآخر قولاً حول قضية سياسية مختلف عليها وفي هذه الحالة قد نختلف حول تقييم مانقرأ من منطلق القناعة الشخصية بمدى قرب هذا القول أو ذاك من الحقيقة أو بعده عنها,أما أن نقرأ عن استنكار الاستجابة لرغبة شعب ما كي يستضيف فنانة في مكانة فيروز من قبل هذا الفريق أو ذاك , من منطلق الحقد , فإن ذلك يعني سقوط المستنكرين في خندق التنكر حتى للذات إن كان في أعماقهم أصلاً شيء من احترام الذات. إن دمشق التي عشقت فيروز الكبيرة بشخصها وصوتها ومدرستها الفنية التي تربت عليها تفتح لها كل الأبواب وكل الصدور بما وراء الأبواب وفي الصدور من محبة وتقدير , وبلسان دمشق يحق لنا القول : أهلاً بفيروز في أي يوم وفي أي وقت . DR-LOUKA@MAKTOOB.COM
|