في البحث عن علاقة جديدة بين الرموز التاريخية وبين التقنيات التشكلية الحديثة, مركزاً على عمق التراث الاسطوري السوري بشكل خاص, بما فيه من اشارات ورموز وكتابات وآلهة قديمة.
والمعرض لايرتكز على استلهام التراث الحضاري فقط, وانما يقوم ايضا على استقصاء المضامين الكتابية السريانية والاختام والاشارات الرمزية المدونة في المخطوطات القديمة, والتي تبدو كما لو انها قادمة من فسحات الازمنة الغابرة والبائدة.
ففي هذه اللوحات يسعى لايجاد تقنيات حديثة تكثف علاقتنا برموز الكتابة البدائية, وبحركة الاسطورة وطقوسها الانسانية والدينية.
واذا كان يرتكز في تشكيل لوحته, على الجوانب الهندسية, التي تتداخل فيها اشكال المربعات والمستطيلات والدوائر,.. فإنه يهتم ايضا بالجوانب التعبيرية, فيمارس حريته في البحث عن أجواء خطية ولونية عفوية تملصه من اطار الرقابة العقلانية الصارمة. كأن يجعل لمسات اللون العفوي تكسر بعض اطراف المساحة الهندسية المعبرة عن الوعي, فتظهر عنده الطرق التشكيلية الحديثة في التكوين والتعبير الناتج عن تنويعات التداخل الميثولوجي بين وجوه الآلهة القديمة والاجواء الهندسية والايقونية.
ومن خلال هذا الدمج بين هواجس الارتباط بالتاريخ الحضاري وبين رغبات البحث عن تقنيات تصويرية حديثة يهدف جورج بيلوني الوصول الى عمل تشكيلي يعكس ارتباطه بجذور العودة الى البدايات الانسانية الاولى, التي تشكل المنبع والمصدر والأم لكل الفنون القديمة والحديثة.
هكذا يستخدم تقنيات تصويرية وطباعية وكولاجية مختلفة, في خطوات البحث عن علاقة وتواصل بين القديم والحديث, وبين الاسطورة والواقع أكثر من مراعاته للجمالية البصرية الصالونية والاستهلاكية.
ففي معرضه الجديد يعود بيلوني الى اشارات ورموز وعناصر الحضارات السورية القديمة مركزاً على عمق التراث الاثري والايقوني , وهو غالبا ما يتجنب الايقاعات اللونية التصادمية والصريحة, ويعتمد ايقاعات اللون الواحد وتدرجاته.
وتتناسب الاشكال والرموز والاشارات من حيث اسلوب صياغتها , مع فضاء اللوحة الذي يذهب من خلاله الى لونية متداخلة ومعتقة ومتآكلة تحقق العنصر الذاتي والثقافي, باعتمادها على حساسيات بصرية تنتمي الى ما ساد وما هو سائد من مدارس فنية حديثة ومعاصرة.
وهذا الاحساس البصري بجمالية المعطيات الفنية القديمة والحديثة يزداد كلما سعى وراء الخط التلقائي والارتجالي والاداء التلويني الفطري في احتمالاته الانفعالية والعاطفية والرمزية والدلالية, التي تصل في نهاية المطاف نحو صياغة فن الاشارة والاحاسيس والانفعالات الداخلية العميقة.
جورج بيلوني من مواليد حلب العام ,1966 اقام اكثر من عشرة معارض منفردة في حلب والحسكة ودمشق وبيروت اضافة الى مشاركاته الدائمة والمتواصلة في معارض الدولة والمعارض الجماعية الرسمية والخاصة.