تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


فاتح المدرس .. رائد الفن التشكيلي السوري

ثقافة
الجمعة 29-5-2009م
تماضر ابراهيم

فاتح المدرس من أهم الفنانين التشكيليين السوريين البارزين, وفي مزاد العام الماضي في دبي حصلت إحدى لوحاته على أعلى سعر للوحات العربية ,

ولكن ماذا عن سيرته الذاتية وشخصيته العامة؟ عاصرنا «فاتح» وتتلمذنا على يديه ,ومعظمنا لم يكن يعرف أنه خلّف لنا بالإضافة إلى اللوحات ،عددا كبيرا من الكتابات، وهو القاص الجميل ،صاحب قصة عود النعناع، وقصة خير العوج، ومجموعة من القصص القصيرة, التي قدم فيها علاقة بين أسلوب الأديب وكلمة الأديب المرصوفة في مكانها بشكل جميل وبين اللون والحس الفني الذي يشعر فيه المصور, لأنه سعى للدمج بين التصوير وبين الأدب ,و اشتغل بالشعر أيضا وله أكثر من ديوان وأهم ما نشره مع الشاعر- شريف خزن دار- وشارك فاتح عام 1962 مع محمود دعدوش ومع عبد العزيز علون بنشر أول بيان فني للفلسفة الجمالية عن الفن العربي .‏‏

صداقة وذكريات‏‏‏

بعيداً عن المغالطات المعروفة‏‏‏

لقد كنا بأمس الحاجة لتلك المعلومات، وما جاء في الندوة التي أدارها الفنان والناقد التشكيلي المبدع الدكتور عبد العزيز علون، الذي بتنا نعول عليه في معظم الأنشطة المتميزة المناهضة للحركة التشكيلية في سورية , وكعادته بغيض من فيض ,أهدى إلينا بعض ما عبئ في جعبته من خبرة ودراية وثقافة فنية متميزة بعين الناقد المتمكن , وصحح بعض الأخطاء الكثيرة الواردة فيما كتب عن الفنان فاتح المدرس ,ونشأته وفنه .‏‏‏

أخذت الندوة طابع ذكريات أصدقاء عن فاتح شارك فيها أحمد محفل أستاذ تاريخ سورية القديم في جامعة دمشق ,والذي تحدث عن ذكرياته الخاصة مع فاتح التي استمرت عبر نصف قرن منذ بدايتها عام 1946 وحتى لقائه الأخير معه قبل وفاته بيومين .‏‏‏

بعد ذلك تحدث د. عبد العزيز علّون بمجمل أشياء مهمة , بداية أورد عددا من التجمعات التي وجدت في حلب لدى ظهور فاتح لأول مرة عام 1953 وشارك فيها وقد عاصره عبد العزيز في تلك الفترة. وعلى حد قوله إن فاتح عمليا كان القاسم المشترك بين كل هذه التجمعات والمنتديات.‏‏‏

د. عبد العزيز علّون يضع الأمور في نصابها‏‏‏

ميلاد فاتح ونشأته‏‏‏

وأفاد د.علون أن «فاتح» في هذه المرحلة من شبابه كان يتميز بطاقة هائلة على العمل الفني مع ما يعانيه من مشاكل مالية باعتبار أن والده توفي وهو صغير.‏‏‏

ولد فاتح في قرية في شمال سورية اسمها حربكة ,ودرس المرحلة الابتدائية في غوين ثم في حلب ودرس في عاليه في لبنان , ولم تسعفه إمكاناته المادية في إتمام دراسته, بعد أن تخلت عنه أسرته, لذلك عاش على ما يرسم في تلك الفترة , وكانت مناظر صغيرة على الكرتون, ثم يبيعها ,و يعلم ساعات لغة انكليزية, بعد ذلك أتيح له أن يدرس التصوير في أكاديمية الفنون الجميلة في روما ,ويعود بعد التخرج في عام 1957 (مع نشوء المعهد العالي للفنون الجميلة في عام 1960 ) إلى دمشق , وكانت فرصة لفاتح أن يدخل إلى كلية الفنون الجميلة , التي تحولت من معهد عال إلى كلية عام 1963, عندها أصبح أستاذا مساعدا في قسم التصوير ثم التحق بالمدرسة العليا للفنون في باريس وحاز على الدراسات العليا بالتصوير.‏‏‏

حصل على الدكتوراه ثم الشهادة الثانوية‏‏‏

الطريف بالأمر أنه(أخذ البكالوريا بعد الدكتوراه) فنتيجة انقطاعه عن الدراسة اضطر أن يتقدم للثانوية سنة 1967 وحصل عليها بعد أن حصل على الدكتوراه, وبقي لآخر حياته في مرتبة وظيفية قليلة, و هذا الهم الذي كان يلاحقه باستمرار لينتج الكثير , لذلك فهو يتميز بين فنانينا بأنه أكثرهم غزارة .‏‏‏

مراحله الفنية وتحولاته‏‏‏

بدأ المرحلة الأولى بالتصوير الواقعي ثم تحول إلى تصوير سريالي في فترة الخمسينيات , وبعد أن ذهب إلى روما ,اخذ اتجاهاً آخر ساير فيه المدارس الرمزية الأوروبية بشكل خاص, لأن هذه الفترة كانت فترة مد كبير جدا للرمزية في ايطاليا و فرنسا .‏‏‏

كل هذا لم يمنع فاتح من عشق الأرض والنباتات والتراب في سورية وجميع لوحات فاتح تتميز بشيء من الشجن وبحس مأساوي, وهذا الشجن ينقل صورة عن طفولته المعذبة وفترة مراهقته المسحوقة والصعبة والتي كان فيها محتاجاً فعلا ,‏‏‏

نقيب الفنانين التشكيليين يكرّم نفسه‏‏‏

لم يتوقف فاتح عن تكريم نفسه وعن وصف نفسه كفنان في الحركة الفنية العالمية, فذهب إلى ألمانيا عدة مرات ,وقدم عدة عروض في باريس و روما وحصل في سورية على أهم المناصب في انتخابه وتكريمه كنقيب للفنانين التشكيليين السوريين لفترة طويلة , وحصل على مرتبة أستاذ في كلية الفنون الجميلة , وكان مرسم فاتح مفتوحاً أمام جميع الفنانين الشباب , حتى يومنا هذا.‏‏‏

عاش فاتح بيننا ما بين 1922 وأواخر القرن العشرين، الحقيقة يستحق أن يكتب حوله الكثير ويستحق أن يكتب عنه ما هو صحيح وحقيقي .‏‏‏

ويستحق السوية العالمية‏‏‏

عرفه د. علون منذ عام 1953 وواكبه, وفي ذلك يقول : فاتح هو أحد المثقفين الكبار و يستحق أن يرفع إلى السوية العالمية, حان الوقت لتصحيح الأخطاء الكثيرة الواردة فيما كتب عنه ,عن مكان وعام ولادته, وسنين نشاطه, وتطور هذا النشاط الفني , بطباعة أو تأليف عدد من الكتب أو النشرات والكتيبات, في الوقت الذي عدد كبير من لوحاته أصبحت موزعة بين المتاحف العربية من جهة وبين المجموعات الخاصة العربية .‏‏‏

ليست لدينا جهة تدافع عن حقوق الفنان‏‏‏

وسورية بدأت تفتقد إلى حد كبير أهم أعمال فاتح ,وهذا كان الدافع لعدد من الأشخاص ممن أساؤوا لفاتح, فيما بدؤوا بنسخ لوحات شبيهة بلوحاته ,وذيلوها بتوقيعه زوراً وبهتانا .‏‏‏

نحن مع الأسف في سورية ليست لدينا جهة تدافع عن حقوق الفنان الذي من الممكن أن يتعرض لنهب جهده بهذه الطريقة , سوق مليء بلوحات لفاتح المدرس,ولؤي كيالي, وهذا خسارة ومؤسفة وتسيء للحركة الفنية .‏‏‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية