وفي الحديث: (آل محمد كل تقي).
إن مما يقع فيه كثيرون من أقارب الدعاة والمبشرين اعتمادهم على هذا النسب الذي بينهم وبين الداعي، وهذا محض جهل وغرور بالله تعالى بل إن بعضاً منهم يبرر أخطاءه ويستمرئها بل يجعل من القرابة غطاء لسيئاته وتجاوزاته، وقد رأينا قبل قليل كيف أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم أعلن أن السارق لو كان ولده لقطع يده وقد قال لهم هذا عندما أتي بسارقة، فتقدم بعض المقربين منه يتوسط لها لديه في عدم عقابها .
وفي القرآن خطاب خاص موجّه إلى زوجات النبي محمد يخبرهن أنهن من حيث موقعهن قدوة للناس، فإن عليهن أن يكنّ في مقدمة من يحترم الشريعة ويلتزم بها،وإلا كان العقاب لهن مضاعفاً : (يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيراً).
وفي ذات الوقت فإن الأجر والمكافأة على الالتزام هو أجر مضاعف: (ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحاً نؤتها أجرها مرتين و أعتدنا لها رزقاً كريماً).
إن من شروط نجاح الداعي أن يلتزم أهله وأقاربه بما يدعو إليه.
صحيح أنه لا علاقة له بهم، لكن أن يحاربوا بسيفه ويرتقوا على أكتافه على حساب الناس، فهذا ما لا يقبل فإن الأسرة الحقيقية للرسول هي كل من التزم هديه،فابن نوح صدر قرار من الله بقطع النسب الذي بينهما (يا نوح إنه ليس من أهلك)، وحين قالوا ليسوع عليه السلام (ها إن أمك وإخوتك واقفون خارجاً يطلبون أن يكلموك ! فأجاب قائلاً للذي أخبره:من هي أمي ؟ومن هم إخوتي ؟!ثم أشار بيده إلى تلاميذه وقال : (هؤلاء هم أمي وإخوتي، لأن كل من يعمل بإرادة أبي الذي في السماوات هو أخي وأختي وأمي).
بكل تأكيد ليس قصد يسوع التنكر لأمه وهو الذي يأمرنا ببر أمهاتنا،ولكن قصده أن يبين للناس،أن الأسرة الحقيقية هي التي يربط بينها العمل بإرادة الله ولذلك جاء القرآن يقول: (لا تجد قوماً يؤمنون بالله ورسوله يوادّون من حادّ الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم).