الرغبة في الصعود عال إيجابي يحفز المرء عندما يلح عليه إلى تلمس معالم الطريق, وهذه المعالم ظلت قاسماً مشتركاً لأولئك الذين وجدوا الطريق أمامهم متاحاً للبروز والتفوق فشدوا إليه الرحال, زادهم رصيد معرفي وأخلاقي وتجاربي وهو رصيد لا يختلف العقلاء عليه أنه يحمل المفاتيح المناسبة للولوج إلى عالم المستقبل المشرق.
هذا العامل يبقى إيجابياً ما دام عنصر التحفيز يستر شد ببوصلة النزاهة والأخلاق, ودور البوصلة هنا ليس دوراً إرشادياً فحسب, لأنه لا يشكل إلا جزءاً ونزراً يسيراً من الجزء الأكبر الذي يبادر بالظهور للعلن بعد أن يصل صاحب الطموح المشروع إلى هدفه, وهذا الجزء يتثمل بقدرة ( الواصل) على تسخير المكان الذي وصل إليه لخدمة البلاد والعباد.
هنا يجب وضع إشارات منع مرور للنوازع والأهداف الشخصية التي تتعارض تعارضاً تصادمياً مع مصلحة الوطن ومصالح أبنائه.
نحن بالطبع لا نريد أن نتصور (الصاعد) إنساناً مثالياً متجرداً من العاطفة والرغبات والشهوات, لكن نصر على ضرورة التحكم بالزمام الذي يضبط حركة مدها وجزرها ضبطاً يجعلها مقيدة في التحرك في الجهات كلها, لأن أي انفلات من العقال تقدم عليه بموافقة صاحب العلاقة أو في غفلة من عينه, يجعل إعادتها إلى وضعها السابق أمراً ليس بمقدوره القيام به ناهيك عن التحكم بحركة أوتاره, وإذا غاب قائد الأوركسترا وهو هنا الحس الوطني السليم الصاحي فلك أن تتصور حجم الفوضى التي ستقود العازفين إلى التصادم والتنافس بدلاً من التآلف والتناغم.
معالم الطريق في مثل هذه الحالة نسأل عنها فنجدها وقد نسفت نسفاً, كانت جبالاً شامخة فهوت قاعاً صفصفاً, عند ذلك يدخل قاموس جديد يسعى جاهداً لتكون مفرداته الدخيلة هي المتداولة على حساب المفردات الأصلية وهي كما نصر في علم الأخلاق مفردات اللغة الأم, ونعني بها الخوف على الوطن وتسخير المنصب لخدمة أبنائه, الرغبة الصادقة في رؤيته أرضاً كريمة طيبة ينعم أبناؤه بخيراتها ويجمعهم إطار شديد التماسك للعيش تحت سمائه والتقلب في أفيائه الوارفة.
ولأن المفردات الجديدة شديدة الخطورة فلا بأس من تذكير الغافلين بعدد منها:
المصلحة الشخصية التي ترى مصلحة الوطن نسياً منسياً, مد اليد إلى الحرام وابتكار التحليلات العجيبة في تصويره حلالاً مصدره الحنكة والشطارة (والدعم المنظور وغير المنظور), والقدرة على الإفلات من يد الحق والعدالة هذه اليد التي ستكل وتمل إذا طال أمد اللعبة وتتركه وشأنه!.
وللتذكير فإن موضوع الشمعة لم يغب عن البال لأن كل ما ورد في الفقرات السابقة يشير إلى حقيقة مريحة أو متعبة تقول مايلي: إن اتقاد الشمعة وهو يقابل هنا بقاء صاحب المبادىء المحرفة في صعوده أمداً قصيراً أو طويلاً لا يعني أن سعي (الواصل ) في فرض المفردات الجديدة المشوهة قد تكلل بالنجاح, ولا بأس من تذكيره أن الشمعة تكون أكثر ما تكون اتقاداً قبل أن تخبو, ويبدأ فصل جديد من الحديث عن الشمعة عنوانه العريض (عندما تخبو الشموع) وكان قبل سقوط البطل (عندما تتقد الشموع) وبين الاتقاد والخبو صفحات هو المسؤول عنها وعن ملئها بالمد والثناء أو القدح والذم, فهل ذكر كل ذلك من كان في طريقه إلى الصعود أم ينسى وليته يتذكر أن الذكرى تنفع المؤمنين?!.