(تأخذ محاولة العثور على مدخل حقيقي, لشخصية أمل شكل الصعوبة حين نصطدم فيه بعالم متناقض تماماً,
يعكس ثنائية حادة من كل طرفيها يدمر الآخر,ويشتت الكثير من أشكالها..إنه الشيء ونقيضه في لحظة نفسية واحدة يصعب الإمساك بها والعثور عليه فيه).
تعيد دار ممدوح عدوان للنشر والتوزيع طباعة كتاب عبلة الرويني زوجة الشاعر المصري الراحل أمل دنقل الذي تنقلنا فيه إلى عوالم أمل الشاعر,الموهوب ,الأصيل ,الرجل, تضعنا على مشارف وجدانيات نادرة لشاعر نادر هو أمل .الكتاب :الجنوبي.طبعة ثالثة في 187 صفحة.
اعترافات
> أتخيل مسرحاً يغص بأهل السماع, سماع أم كلثوم.
أتخيل أم كلثوم على خشبة المسرح تغني واقفة كأنها جبل من الضوء, الأثر هنا في أهل السماع ليس مجرد طرب, ليس مجرد افتتان بصوت وموسيقا, الأثر شامل نفسي وجسدي, شعوري ولا شعوري, ظاهر وباطن,الظاهر بهجة وفرح ونشوة, الباطن رغبة مشتعلة للذوبان في ينبوع الافتتان, في الطاقة التي تشع من الصوت والغناء, وشهوة الحياة هنا تتقدم الكلام, لا يجيء أهل السماع إلى هذا المسرح للتجاوب مع أم كلثوم بالكلام, بل للتعرف إلى أنفسهم ورؤيتها في الصوت والغناء والتماهي معها في إبداعها الفني.
> أم كلثوم حنجرة أوركسترالية يصعد منها الصوت كأنه مستودع أسرار إنسانية, يصطخب فيها الجسد وتاريخه, صوت لا مرجعية له غير ذاته, لا معيار له إلا في ما ينبثق من شرعه الخاص.
جنس مفرد بين الأصوات, في غناء مفرد.
في هذه الحنجرة, يتلاقى أثير الغيب ومادة الواقع, مختومين بخاتم أداء يخرق المشترك والمألوف, وإذا بالغناء يتخطى حدوده, لا يعود مجرد غناء, بل يصبح طقساً كأنه انشقاق ضوئى في ظلمات الجدران الكثيفة المحيطة, كأنه تأسيس لصداقة كريمة وحرب كريمة بين ما نعرف وما نجهل, بين الروح والجسد, بين الجمال والزوال, هكذا تتواشج العناصر في هذا البيت الكوني الذي يبنيه الصوت الكلثومي, مرفوعاً في هيام يشبه السكر الذي لا يقتصر على الجسد والمخيلة, وإنما يشمل كذلك القلب والفكر.
> صوت أم كلثوم ينفث الروح في الكلمات,غناؤها صعود بالكلام إلى أعالي المخيلة و نزول به إلى أغوار الجسد.
أدونيس