ومع ذلك العالم الأعمق الخلاق الذي كان هنري جيمس يعتقد به.الموهبة, التي يمكن أن تكون الموت المخبأ فيها, هي قدرة الإبداع الخاصة للرجل والمرأة, لكنها في النهاية قدرة العالم على الإبداع أيضاً.
في صميم إبداع هنري جيمس ( 1843 - 1916 ) أحد أعظم كتاب أميركا ينبوع عظيم من الشعور الغنائي, والبطولي, والحزين, وحافز خيالي قوي نحو الصور والمشاهد والمواقف حيث يبدو وجه قوة الشهية والواقع آنياً للسائلين عنه وللمسافرين الأخلاقيين وبعض الشخصيات التي تكمل إحداها الأخرى تسعى إلى الحركة معاً: يحاول العشاق لقاء أندادهم ويسعى الأشخاص الوحيدون إلى الانخراط مع الآخرين ومع واقع اجتماعي واندماج خارجي.
أبدع هنري في قصصه القصيرة ورواياته الفائضة بشخصيات شديدة التعقيد, وتبدل أسلوبه خلال السنوات الخمسين من حياته الأدبية فكان في أول الأمر أسلوباً مباشراً, واقعياً, وغالباً مايهزأ بالتقاليد والأخلاق السائدة ثم أصبح أخيراً معقداً وتعمقت واقعيته الأساسية برمزية غنية كادت أن تكون شعراً.
ولكن كان دائماًالباحث, فبحثه, بحث إنسان متأمل واسع الصدر مبتوت الجذور يستجيب بشدة لجاذبية الفعل العملي وبذل النفس التام, بحث المراقب الخجول ( المحلل الذي لايني) الذي حكم حقاً بالانتصار المجيد على الرهبة الشخصية في قاعات اللوفر المتلألئة, وعند ثرثرة نابليون على سرير الموت. هاهنا كان جيمس ( في زياراته لفرنسا ) بصورة مؤلمة رجلاً مكبوتاً وغير آمن.
ويمكن رؤية كتابته ذاتها سعياً خيالياً بحثاً عن ( الشيء الحقيقي ), وتعويضاً عن العجز عن التعبير وعن عدم الكمال الذاتي, العلاقة بين حياة جيمس وفنه علاقة سوف يرغب القراء دائماً وبصورة مناسبة جداً, في استكشافها في أوقات مختلفة. لكن نتيجة مثل هذا الظن كثيراً ماتكون غير سعيدة لأنها تميل إلى تحويل تعقيدالخيال إلى غلالة تغطي الحقيقة (الواقعية ) التي كثيراً ماتبين أنها شيء من قبيل الاستعارة الأدبية أو الجملة الفرويدية المكرورة.
مثّل ميل جيمس إلى مشاهدة ممارسات الجنس أو ساق أبيه الخشبية أو أكثر من كل شيء خوفه المعيب من التعرض للخبرة الواقعية.
إن السيرة الذاتية النقدية الظنية أو الحزرية , من نوع سيرة جيمس التي ألفها ليون ايديل في خمسة أجزاء, تحبذ النمط الواضح على حساب تعدد جوانب الفنان, وتُهمل تلك المقدرة على خلق الوهم - وهم الحدث والشخصية الذي يجعل الروايات أهلاً للنجاح كفن.
كان جيمس قادراً, شأن أي فنان على تصور مواقفه الصعبة الشخصية ونقاط عجزه وإعطائها حياة مثيرة - تصبح الوحوش في غابته جزءاً من المشهد الإنساني الذي يأتي في متناول الفهم والمعرفة والذي تتناوله كتبه, محولاً عن طريق الأدب الروائي إلى مواقف صعبة ونقاط ضعفه كل منها.
إن كل نقد لهنري جيمس يعود إلى إحدى النقاط وربمابصورة منهكة قليلاً إلى هذا السؤال: السؤال الأبدي عمل إذا كان جيمس يقف إلى جانب الطبيعي أم المتصنع أم الروحي, (الحياة ) أم (الفن) الخبرة (الواقعية) أم الخبرة الخيالية أو المعاد تشكيلها.
هل يحتفل هنري جيمس بالدرجة الأولى بقوتي الشعور والشكل الجمالي باستقلالهما الذاتي? هل يخاف الحياة ويزدريها, ويحولها بهذه الصورة إلى أشكال جميلة آمنة? أيقبل بصورة حزينة ظروف الحياة المعينة ويكشف عنها: أهو مثالي أخلاقي لايمل ولايكل? هل يعتقد بأنه ليس من العاطفة تتكون الحياة , لكن من اللحاق بمثل أعلى للسلوك يتجاوز أشكال المجتمع الحالي أو يفوقها? أنصير للمطلق هو أم نصير للسلبي? أأفلاطوني هو أم واقعي, أحالم هو ربما بعد المسيحية أم إنسان رواقي..معركة كتب لاتنتهي..,حاولت التصدي للسؤال عن هنري..متى لايكون الخيال ( والفن ) جزءاً من الخبرة في حياتنا? ومتى لاتتحقق الخبرة من خلال خيالنا?
لئن وجدت ( الحقيقة) في أي مكان فإنها بالنسبة لجيمس هي التفاعل والفيض, تفاعل بين العقل الفردي والمناسبة, والمجتمع.
كان جيمس يقتفي أثر تلك الحقيقة الهاربة..البحث عن الكفاءة, الوجود الشخصي, الحقيقة الشخصية..ويمكن ضمن دراما الإنجاز - أن نأمل بالدنو أكثر من نبض حياة كل رواية عند هنري جيمس ..الحياة تمضي في تدفقها, مقبلة مدبرة, بين الفن والعالم, وبين القارئ والكتاب.
(هنري جيمس ) دراما الإنجاز منحى إلى الروايات..كتاب كما يقول المؤلف كينب غراهام »محاولة محدودة أو منحى لتقريب رواياته من خيالنا المتعاطف ومن حسنا التام بالحياة.