مستجدات علمية وطبية لحماية الأطفال من الأمراض أمور أخرى طرحها المشاركون في المؤتمر السنوي الخامس عشر لمستشفى الأطفال الذي أقيم برعاية وزارة التعليم العالي باهتمام جمع من أطباء سوريين باختصاصات مختلفة, وبعض الأطباء العرب والأجانب لعرض آخر ما توصلوا إليه في أبحاثهم, فكان هناك أكثر من 48 ورقة عمل حول أمراض لا تزال سبباً يقض مضاجع الأطفال والأهل معاً.
الدكتور عصام أنجق رئيس المؤتمر, ورئيس قسم الأطفال في جامعة دمشق قال في حديثه إلى الثورة إن أهمية هذا المؤتمر, تأتي من أهمية وجود أبحاث جديدة لم تقدم سابقاً, وهي عبارة عن دراسات أُجريت في مشفى الأطفال وتتناول واقع وصحة الأطفال في سورية من خلال ما يستقطبه مشفى الأطفال بالذات.
إضافة إلى وجود أبحاث متطورة من الأردن ولبنان ومن ألمانيا ومن الضروري أن يطلع عليها أطباء الأطفال في سورية وطلاب الدراسات العليا في المشفى.
أبحاث تشخيصية لأمراض جديدة
وتأتي الفائدة الكبرى لهذا المؤتمر في لمّ شمل الأطباء واجتماعهم فيما بينهم لمناقشة ودراسة الحالات السريرية المختلفة التي يصادفونها والاستفادة من خبرات الأطباء الاختصاصيين في اختصاصات فرعية وبخاصة فيما يتعلق اليوم بمرض السحايا, وأبحاث الانتانات ومرض السل وغيرها من الدراسات التي تعطي فكرة عن المعالجة والانتشار لهذه الأمراض في سورية, فهناك أبحاث عن واقع أمراض السرطانات في مشفى الأطفال وأبحاث تشخيصية عن أمراض جديدة وذلك بهدف البحث العلمي الذي نطمح إليه.
وفي سؤالنا عن الصعويات التي يواجهها مشفى الأطفال, أشار إلى أن أهم هذه الصعويات هي الضغط الكبير والزائد لكونه المشفى الوحيد الذي يختص بطب الأطفال في سورية. وبخاصة أعداد المراجعين لشعبة السرطان وأورام الدم, وشعبة الحواضن. ولهذا نرجو أن تقام مشافٍ أخرى في أماكن متعددة في دمشق وفي المحافظات تختص بطب الأطفال.
ثم أكد الدكتور عثمان حمدان أمين سر المؤتمر ومدرس في قسم الأطفال أهمية الموضوع ذاته أي إنشاء مشاف تختص بطب الأطفال في المحافظات الأخرى لتخفيف الضغط الكبير الذي يواجهه المشفى, لتخفيف مشقة السفر والإقامة والمصاريف على الأهالي الذين يضطرون لنقل أطفالهم من المحافظات البعيدة إلى دمشق. وفي عودة إلى أهمية المؤتمر قال: إن المواضيع المطروحة شملت جميع المستجدات على المستوى المحلي والعالمي التي تتعلق بطب الأطفال بهدف تطوير الكفاءات العلمية لدى الأطباء الذين حضروا المؤتمر وبحيث يصبح المؤتمر رافداً من روافد التعليم الطبي المستمر في سورية.
أمراض ترتبط بالفقر
مشكلة التدرن (السل) هي معروفة وقديمة وقد ازدادت الإصابة بالسل في الآونة الأخيرة لسببين: الأول بسبب ازدياد الفقر في العالم ككل وانتشار الإيدز في إفريقيا وأوروبا الذي ينقص المناعة. الدكتور مجيب ملحم يقول: التدرن عند الأطفال هو تدرن رئوي والتهاب السحايا الدرني الذي بالغالب يكون خطراً ونسبة الوفيات تصل إلى 50% والذي يشفى منه يبقى متأثراً بالاختلاطات والعقابيل لديه ويتعرض لضعف بالإمكانيات العقلية وعدم القدرة على السير. ونادراً ما يشفى بشكل نهائي والسبب لأنه لا يكتشف إلاّ متأخراً وأعراضه في البداية تشبه أعراضاً كثيرة. كالإنتانات التنفسية ولكن مريض السل يعاني من نقص الوزن والسعال لأكثر من أسبوعين والتعرق الليلي ولا بد من التنبه لذلك. والكشف المبكر وإجراء الصور الشعاعية للمشتبه فيهم. وتوجد مراكز خاصة في كافة أنحاء القطر تعطي الدواء مجاناً وهو قابل للشفاء في حال المعالجة الصحيحة والالتزام بالعلاج. أما السحايا الدرني من الصعب الشفاء منه في الحالات المتأخرة وتكون المعالجة صعبة جداً وتحدث الوفيات.
وأخرى بالتغذية والتعرض للشمس
نقص فيتامين (د) يتعرض له الأطفال والنساء ويمكن تعويض النقص به بالتعرض لأشعة الشمس وعن طريق الأغذية المضاف إليها أو عن طريق الدواء - الدكتورة ثناء الخطيب قالت: إن الأغذية التي تحتوي على هذا الفيتامين قليلة مثل الأسماك وصفار البيض, وممكن من الحليب ومشتقاته المضاف إليه الفيتامين (د). لذا المصدر الأساسي هو أشعة الشمس حيث يشكله الجلد بشكل طبيعي ويجب التعرض لها بشكل مباشر دون وجود حواجز /زجاج أو كريمات واقية أو الألبسة التي تمنع من الاستفادة منها/. ونقص هذا الفيتامين يسبب (الكساح) تقوس بالساقين وتأخر في النمو والدراسات الجديدة تشير إلى أن نقصه يسبب السرطان وينقص المناعة بالجسم ويزيد الاستعداد للأمراض المناعية ولداء السكري. ويصيب بشكل أساسي الأطفال وهو يثبت الكلس على العظام ولهذا لا بد من تأمين الوارد الكافي من الكلس وفيتامين (د) لهم. للحصول على نسبة قوية وبالأخص الإناث المعرضات مستقبلاً لوهن العظام فالبنية السليمة في الطفولة تقي من وهن العظام.
ومن ميزات هذا الفيتامين أنه يخزن في الجسم لمدة أربعة أشهر وإذا تم التعرض بالصيف والخريف للشمس بشكل كافٍ يمكن الحصول على مستوى مقبول منه في الشتاء.
50% من الوفيات في فترة الوليد
وعن السبب في ازدياد نسبة الوفيات في الفترة الأولى من حياة الطفل قال الدكتور: منذر شيخ الحدادين لأننا نفتقر في سورية لإنشاء وحدات عديدة للعناية بالوليد ولأن هذه الفترة من عمر الطفل لا تعطى حقها وتوجد أسباب أخرى فالعناية بالوليد مكلفة جداً ولكن لا بد من الانتباه أكثر على هذه المرحلة وعلى دور وحدات العناية بالإنقاص بمعدل الوفيات وقد كان للدولة دور كبير في الحد من انقاص الوفيات بشكل عام ولكن وصلت إلى حد لم تعد قادرة على الانقاص منها ولا بد من انقاص وفيات الوليد ولا بد من وجود وحدات للعناية بالوليد وبكل ما يختص به من فريق طبي وتجهيزات ووسائل نقل إليها.
برنامج لرصد الشلل الرخو
مدير الرعاية الصحية الأولية الدكتور خالد برادعي أشار إلى ضرورة تنبه الأهالي والكادر الطبي والصحي عموماً والإبلاغ عن أي حالة شلل رخو حاد يصاب به الطفل لأقرب مركز طبي لتتم الإجراءات اللازمة. ويوجد تعاون بين وزارة الصحة ووزارة التعليم العالي وأطباء القطاع الخاص لرصد حالات الشلل الرخو الحاد من خلال برنامج استقصاءات شلل الأطفال. فكل طفل يصاب بشلل رخو حاد مفاجىء وعمره أقل من (15) سنة يتم الإبلاغ عن حالته إلى وزارة الصحة وتقوم فرق في المحافظات لتقصي هذه الحالة وأخذ عينات برازية ليتم زرعها في مخابر الصحة العامة ومعرفة النتائج. وعن أعراض الشلل الرخو الحاد أضاف د. برادعي أنه يبدأ بشلل مفاجىء لأحد الأطراف أو لأكثر بحيث لا يستطيع الطفل تحريكهم وعدة أمراض تسبب ذلك مثل /مرض غيلان باريه/ والتهاب نخاع معترض والتهاب عصب رضي نتيجة أخذ الحقن العضلية في الإلية للأطفال دون العشر سنوات. ويوجد تعميم من قبل وزارة الصحة في منع إعطاء الحقن العضلية في منطقة الإلية للأطفال دون عشر سنوات تجنباً لحدوث الشلل.
تزايد أعداد المرضى
يعوق المسار الزمني للعلاج
وفي الدراسة التحليلية للمرضى المقبولين في شعبة أمراض الدم للفترة بين عام 2000 و ,2007 يؤكد الدكتور إياد طرفة رئيس شعبة أمراض الدم والأورام في مشفى الأطفال التزايد المستمر في عدد هؤلاء المرضى وتوزع أنواع السرطانات بينهم, وقد لوحظ رجحان واضح وفي مرضى »ابيضاض الدم« عبر السنوات الأخيرة, كما لوحظ تحسن في نسبة الاستقرار المرضي خاصة في السنة الأولى من العلاج, واستمرار الحياة من دون مرض خلال العلاج كما لوحظ تحسن نسبي في نسبة الشفاء.
وعن ذلك قال: إن هناك تحسناً في نسبة الحياة لدى الأطفال المرضى المصابين بابيضاض الدم ولا سيما في السنوات الأربعة الأخيرة إذ ارتفعت النسبة من 25% إلى ما يقارب 37% حالياً وهي نسبة جيدة خلال هذه الفترة.
وقد أجاب عن السؤال المتعلق بالتحديات بأن المشكلة تتعلق بأعداد المرضى الكبير والمتزايد في شعبة أمراض الدم بما يفيض عن إمكانياتها وهذا يعيق المسار الزمني الصحيح في خطط العلاج ما ينعكس سلباً على نسبة الشفاء, حيث يضطر هؤلاء المرضى إلى الانتظار لتوفر شاغر في المشفى وأحياناً لأيام طويلة. وثانياً بنقص التوعية لدى الأهل حيث ينقطعون عن متابعة معالجة أطفالهم خاصة عند ملاحظة التحسن البدئي بحجة عدم تعريضهم للأدوية الكيميائية أو بسبب اللجوء للمعالجة بالطب الشعبي وهو غير مُقر عالمياً بالنسبة لهذه الأمراض.
وتصل نسبة هؤلاء المرضى إلى حوالي الثلث, وللأسف يكون المشفى قد تكلف أموالاً طائلة في التشخيص وبدء العلاج,والمرضى لا يعودون إلا في حال النكس, وهنا أيضا غصص دوائي بسبب بيراقراطية الاستيراد وعدم فتح استيراد مثل هذه الأودية بشكل مباشر من قبل المشافي والجهات المعنية.
وقبل أن يختم حديثه أشار إلى ضرورة توفير وإنشاء مركز متخصص لسرطانات الأطفال في بلدنا, أسوة بما يجري في كل أنحاء العالم وحتى في الدول المجاورة لأن في ذلك ضماناً أكبر لتوفير الخدمات الأمثل.
مخبر يخدم مرضى السرطان
> الدكتورة دعاء العلبي تحدثت عن أهمية مخبر الجريان الخلوي الذي يتم تفعليه لأمراض السرطان وأمراض الاعواز المناعية ولوظائف الكريات البيض والصفيحات وقد انشئ عام 2005 في مشفى الأطفال وهو فعال بشكل جيد وقد شمل وظائف الكريات البيض لأول مرة يجرى في سورية وهو تحليل مهم جداً للأقسام الإنتانية, وفي دراسة أي خلل في وظائف الكريات البيضاء ومفيد للأقسام الخلوية, ولكن المشكلة الوحيدة التي تعترض ذلك هي التكلفة الشديدة للمواد التقنية, وتوجد توصيات لتوفير الشروط النظامية لتحضير الحد الأفضل للنتائج المقبولة في المشفى وبوجود هذا المخبر تحسن علاج السرطانات ومستوى العلاج وتجاوب المريض.
معايير جديدة لمخططات النمو
وهناك معايير دولية جديدة أطلقت في عام 2006 من قبل منظمة الصحة العالمية لنمو الأطفال وصغار الأطفال بدلاً من المعايير السابقة والتي تستعمل منذ السبعينيات والتي لا تهتم بالنمو السريع للأطفال في المراحل المبكرة للعمر, وبهذا الخصوص قالت د. محاسن أبوطه إن المنظمة نشرت عدة دراسات لتعديل هذه المعايير وتم تحديد منحى نمو الطفل من عمر الولادة وحتى خمس سنوات وحددها على نوعين الأول للإناث وآخر للذكور مع تخصيص فترات عمرية معينة من صفر إلى ستة أشهر ومن ستة أشهر إلى سنتين ومن سنتين إلى خمس وتحديد الوزن والطول من عمر الأسابيع والأشهر وبالتالي يمكن تحديد نمو الطفل في المراحل المبكرة وهذا الاختلاف عن المعايير السابقة إضافة إلى إشراك ستة دول من العالم وأخذ مقاييس الطول والوزن بما يقارب 8000 طفل وحصرت عاملي الوراثة والعامل العرقي بأنهما لا يحددان نمو الطفل وإنما توجد عوامل البيئة والصحة الجيدة للطفل وللأم وبالأخص الإرضاع الوالدي المطلق لمدة ستة أشهر والرعاية الصحية التي تقدم للطفل وعدم تدخين الوالدة.
كل ذلك يساعد على النمو القريب من المتوسط وبغض النظر عن العامل العرقي والوراثي, وخلصت المنظمة إلى أن تكون تلك المعايير دولية ويمكن تطبيقها في كل دول العالم, وعلى المستوى الفردي للأطباء في العيادات وعلى الفئة السكانية والمجتمع ككل.
برامج صحة الطفل
وعن برامج صحة الطفل التي تقوم بها منظمة الصحة العالمية تحدث عنها الدكتور ابراهيم بيت المال من المنظمة قائلاً: إن الاهتمام بصحة الطفل من الخطط الأساسية التي تركز عليها في مرحلة الطفولة وعلى كل المستويات الاجتماعية والسياسية والوطنية والتنموية وأهمها قضايا التغذية والرضاعة الطبيعية الكاملة لمدة /6/ أشهر الأولى بدون أي مداخلة للحليب الصناعي, سكر أو شاي وماء وهذا من واجب الأم ومصلحتها, إضافة إلى المحافظة على إعطاء اللقاحات لمدة خمس سنوات, وهي مجانية ومتوفرة في وحدات الرعاية الصحية الأولية, ويجب الامتناع عن التدخين في البيت والأماكن المغلقة لأنه من حق الطفل أن ينمو في بيئة خالية من التدخين وصحية إضافة إلى التعليم والنظافة.. كل ذلك يساعد على نمو الطفل بشكل جيد ومتكامل.