تأتي اهمية النمو الاقتصادي عندما يحقق معدلات مرتفعة ليسمح بتحسين مستوى المعيشة وتأمين شروط الحياة الكريمة للمواطن والارتقاء بالتنمية البشرية وفي ذلك حفاظ على الاستقرار الاجتماعي.
تقول الارقام التي اصدرها المكتب المركزي للإحصاء,ان معدل نمو الانتاج المحلي الاجمالي بالأسعار الثابتة ,ارتفع من 1.3 بالمئة عام 2000 الى 5.1 بالمئة عام 2006 وارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي الاجمالي من 55128 ليرة سورية الى 64049 ليرة سورية خلال الفترة نفسها,وهذه الارقام والمؤشرات التنموية تعكس التطورات الاقتصادية التي شهدتها سورية خلال الاعوام الست السابقة من خلال تطبيق برامج الاصلاح الاقتصادي ومسيرة التنمية الشاملة,ورسم القاعدة الاقتصادية السليمة للانتقال الى اقتصاد السوق الاجتماعي بشكل تدريجي يتلاءم مع الخصوصية الاقتصادية والاجتماعية السورية.
والمؤشرات تقول ان متوسط دخل الفرد ارتفع من 3163 ل.س الى 4411 ل.س وارتفع اجمالي القوى العاملة من 4937 الف نسمة الى 5280 الف نسمة.
وارتفع متوسط الرواتب والاجور في القطاع العام من 4708 ل.س الى 9668 ل.س وفي القطاع الخاص من 5643 ل.س الى 7532 ل.س وارتفع اجمالي متوسط الرواتب والاجور من 5209 ل.س الى 8601 ل.س .
يذكر نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية عبد الله الدردري في احدى محاضراته ان معدل النمو الاقتصادي لعام 2007 6.6, مقارنة بصفر بالمائة عام .2000
وحسب كلام الدردري , هذا يعني تحول كبير في الاقتصاد السوري وبذلك يحقق الاقتصاد السوري نموا مبنيا على مصادر النمو الحقيقية»استثمار, صادرات ,صناعة,سياحة وتجارة« .
بدلا من الاعتماد على النفط كمصدر اساسي لتشغيل العملية الاقتصادية.
لا مؤشرات جدية
ويقول الباحث الاقتصادي قدري جميل ان المطلوب نمو مستعجل وعالي الوتائر وفقط علاقة صحيحة بين القطاعين العام والخاص وجو صحي في كل منهما يمكن ان يؤمن هذا الهدف,وان رفع وتيرة نمو الدخل الوطني الى اعلى المعدلات الممكنة اصبح ضرورة وطنية واجتماعية قصوى
ويشير قدري لوتائر نمو الدخل الوطني في سورية خلال العقود الماضية حيث تبين انه كان يتراوح خلال هذه الفترة من حد ادنى 3.55% الى حد اعلى 7.3% وهذه النتيجة تعني فيما تعنيه ان الزيادة في الدخل الوطني لا تكاد تغطي الزيادات السكانية ,فكيف الحال بمعدلات النمو الضرورية للتنمية وبضرورات تحسين مستوى المعيشة للناس,وبمواجهة الاستحقاقات التي تفرضها الظروف العالمية والاقليمية المستجدة?!
لا مبالغة ... بل غموض
الدكتور عابد فضيلة استاذ التحليل الاقتصادي في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق,يتفق مع الاحصاءات الرسمية بخصوص نسبة النمو الاقتصادي وهو لايرى فيها مبالغة ,بل يكتنفها شيء من الغموض كونها تغطي على مؤشرات اخرى اكثر اهمية,فالنمو خلال السنوات 2005-2007 »للناتج المحلي الاجمالي« والذي بلغ حوالي 5.8% والنمو الجيد »للإنتاج المحلي الاجمالي« والذي بلغ 5.2% للفترة نفسها كلها ارقام ونسب احصائية جيدة»وهو يعتقد انها صحيحة« .
ولكنها لا تكفي »وحدها« كمؤشرات اقتصادية اجتماعية تنموية مستدامة وقد لا تعني ان كل شيء في الاقتصاد والمجتمع على مايرام »مالم يتم تحليل مكونات هذه النسب« ومالم تقرن بالعديد من الحسابات والمؤشرات الاخرى.
وللتوضيح يقول فضيلة,بالنسبة للناتج المحلي الاجمالي فهو يعني القيمة المضافة الاجمالية التي حققها الاقتصاد والمجتمع خلال عام »قيمة الانتاج,الاستهلاك,الوسيط« وتوزع هذه القيمة بين ثلاثة اطراف: الأول,العمال والموظفين: ويحصلون على الرواتب والاجور الثاني: الدولة : وتحصل على الضرائب غير المباشرة على مدخلات الانتاج.
الثالث: اصحاب المنشآت ورأس المال: ويحصلون على الباقي »الفائض والربح« .
انعكس على الشرائح العريضة
والسؤال هنا: ماهي حصة العمال والموظفين من القيمة المضافة,وعندما حدث النمو خلال السنوات الماضية ,هل نمت حصتهم منه بالنسبة ذاتها? اي هل انعكس النمو الاقتصادي على الطبقات الاوسع من المواطنين? يجيب فضيلة,ان متوسط حصة الرواتب والاجور من الناتج المحلي الاجمالي السوري هي نحو 25% فقط,وهي تدل على انخفاض شديد في الرواتب والاجور اي على عائد عنصر العمل »وهو العنصر الاهم في العملية الانتاجية« وبالمقارنة مع العوائد التي يحصل عليها اصحاب المنشآت واصحاب رأس المال»وهم القلة« علما ان نسبة الرواتب والاجور في الكثير من البلدان الاخرى تصل ا لى نسبة 70% من الناتج المحلي الاجمالي وفيما اذا انعكس نمو الناتج المحلي الاجمالي خلال السنوات الاخيرة على الشرائح العريضة في المجتمع السوري »ومعظمهم يعملون بأجر«.
نحن هنا نطرح السؤال الأهم بالنسبة لنمو الناتج المحلي الاجمالي الذي حقق نسبة نمو جيدة هو : ما هي حقيقة هذه النسبة وكيف تم احتسابها ? وما هي نسبة مساهمة القطاعات الانتاجية الاساسية ,والقطاعات الاخرى الأقل أهمية في هذه النسبة?
بمراجعة البيانات الاحصائية والمعطيات الرقمية الحكومية , يتبين ان نسبة الزيادة »او معدل النمو« في مؤشر الانتاج المحلي الاجمالي قد تحققت بفضل مساهمة او معدلات النمو في القطاعات غير السلعية »التجاري,النقل والمواصلات,الخدمات,البناء والتشييد« وعلى الاخص نسب النمو الكبيرة لقطاع »المال والتأمين والعقارات« .
وحسب كلام فضيلة ان تلك الانشطة وبالرغم من تصنيفها بالقطاعات الانتاجية المساعدة الا انها في النهاية اقل اهمية بالمقارنة مع القطاعات الانتاجية والسلعية الاهم والتي تراجعت بنسب مقلقة كقطاعات الزراعة والري والكهرباء والاستخراجية بينما كان نمو مؤشرات الصناعة التحويلية معدوما.