كبير المفاوضين لدى السلطة الفلسطينية, ولم تستطع وزيرة الخارجية الأميركية كونداليزا رايس, خلال زيارتها الأخيرة إلى إسرائيل , رغم اصرارها على تحقيق (تقدم ملموس) يعيد روح الأمل إلى الجانب الفلسطيني, سوى انتزاع تنازلات هامشية هزيلة, هذا رغم رحلاتها الأربع عشرة إلى المنطقة لإعطاء دفع لعملية السلام, والآن عادت مرة أخرى, إلى المنطقة من أجل معايرة تطور المباحثات, وأجرت منذ اجتماع آنابوليس عقد سبع لقاءات بين رئيس السلطة الفلسطينية ورئيس حكومة إسرائيل, لم تفض إلى أي اتفاق, وطبعاً يتبادل الاثنان اللائمة, كل يتهم الثاني بأنه لم يقدم أي شيء ضروري.
وإثر لقائه مع الرئيس جورج بوش, أصابت رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس خيبة أمل شديدة, كون الرئيس الأميركي لديه قناعة بأنه على الفلسطينيين والإسرائيليين إيجاد سبيل للاتفاق بينهما.
فيما مازالت قائمة لغاية الآن خلافات عميقة بين الطرفين حول مسائل عديدة, إذ يتهم الجانب الفلسطيني إسرائيل بأنها حولت الضفة الغربية إلى سجن كبير كما الحال مع قطاع غزة. ويتجرع الفلسطينيون تدريجياً المرارة, وحسب استطلاع للرأي اجراه نهاية شهر آذار معهد رام الله, فقد أعرب 80% من المستطلعة اراؤهم عن قناعتهم بأن المباحثات الجارية سوف تفضي إلى الفشل بينما 68% يعتقدون (بعدم وجود أو ضعف) فرض إقامة دولة فلسطينية خلال خمس سنوات مقبلة, والأخطر من ذلك أن 84% منهم أيدوا العمل الانتحاري الذي نفذه الشاب الفلسطيني ضد المدرسة التلمودية في القدس, وراح فيها ثمانية قتلى, ويؤيد 64% منهم اطلاق الصواريخ من غزة باتجاه إسرائيل.
وهذا مؤشر واضح على مدى الصحوة لدى الشعب الفلسطيني, وقد كتب الصحفي هاني المصري في صحيفة الأيام الفلسطينية يقول (ليست ثمة استراتيجية وطنية, ولا زعامة فعالة, ولا إطار حقيقي للمفاوضات, ولاضمان لمشاركة دولية, ولا تجميد للمستوطنات, ولا حصول نتائج ملموسة لغاية الآن, وإسرائيل لن تتنازل عن شيء) وحتى ياسر عبد ربه, عضو الفريق المفاوض اعتبر أن (المباحثات باتت عقيمة طالما لم يتم وضع حد لتوسيع المستوطنات).
ومع ذلك سوف تستمر المباحثات حتى آخر المطاف, لأنه وكما قال صائب عريقات (ليس أمام الفلسطينيين من خيار آخر), فالسلطة الفلسطينية تريد أن تبرهن أنها لم تفوت أي فرصة للوصول إلى اتفاق لغاية نهاية العام الجاري, لكي تظهر جديتها وإيمانها وقدرتها أن تقول للعالم أجمع أنه وفي حال الفشل, قد فعلت أقصى إمكانياتها, كما وبدأت خيبة الأمل تشق طريقها نحو رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض, الذي يحاول بعث الروح في دينامية إعادة البناء, رغم حصوله على وعد بضخ /7,7/ مليار دولار إلى حكومته خلال مؤتمر باريس, ووصول /500/ مليون دولار منهم تتيح دفع رواتب الموظفين وتدير عجلة الإدارة والحياة في البلاد.
أما من الجانب الإسرائيلي, فإن الأساسي والملح لديها هو مواصلة, وحتى تسريع الاستيطان وعدم تفكيك أي من المستوطنات العشوائية.
وكذلك التحفظ الشديد للسلطات, ولاسيما السلطات العسكرية, في إزالة الحواجز من أجل تسهيل الحياة اليومية للفلسطينيين. ويرى ايهود باراك, وزير الحربية ضرورة المحافظة على الحواجز من أجل وقف العمليات الانتحارية ضد إسرائيل, بينما أشار رئيس جهاز الأمن الداخلي -شين بيت- إلى أنه طالما لم يتم الانتهاء من بناء (الجدارالأمني) الممتد على مسافة (725) كم, ليحيط بالضفة الغربية, فإنه من المستحيل إزالة معظم الحواجز البالغ عددها /550/ حاجزاً, علماً أن الجدارالأمني الذي لم يتم حتى الآن تنفيذ سوى 63% منه لن ينتهي قبل عام .2010 ولغاية ذلك الحين, فإن مسار السلام مازال أمامه مزيد من الوقت للانهيار, ولخيبة أمل الفلسطينيين, وهذا ما أشار إليه صائب عريقات بقوله ( الشعب غاضب مننا, والشؤم يسكنه).
حتى إن الخطر يتربص الآن بتواجد السلطة الفلسطينية, وقد حذر عريقات من ( الأثر الذي سيخلفه خطر زوال السلطة على المنطقة) ولاشك أن فشل مسار السلام أو بقائه في مكانه يراوح سيسهم في انحلال السلطة الفلسطينية التي خرجت من عباءة اتفاق اوسلو عام ,1993 أو على الأقل في فقدانها لمصداقيتها لدى الرأي العام الفلسطيني, ويتحدث أولمرت عن توقيع وثيقة مشتركة قبل نهاية العام الجاري من شأنها أن تفتح الطريق الذي مازال طويلاً لإنشاء دولة فلسطينية, والتي سوف تخضع إلى استفتاء لدى الجانب الفلسطيني, مع العلم أن فترة رئاسة محمود عباس سوف تنتهي في كانون الثاني ,2009 فيما يقصر تدريجياً عمر حكومة اولمرت, وبدأ الوقت يضغط من أجل إقامة دولة فلسطينية, يدعو العالم أجمع لها وهو أمل مشكوك فيه.
ومن خلال هذا السياق فإن إسرائيل أمام تحدٍ مزدوج, الأول يتمثل في اضطرارها, في حال انحلال السلطة الفلسطينية, إلى تحمل أعباء إدارة الأراضي التي احتلتها منذ /41/ عاماً, والتي لا تحافظ على بقائها إلا بفضل المساعدات الدولية, والتحدي الثاني يتمثل في حال لم تتم إقامة دولة فلسطينية, المطالبة بإقامة دولة ذات جنسيتين, ومعنى ذلك, تعريض مخطط (إسرائيل) دولة يهودية بحتة إلى الخطر, وقد أدرك أولمرت هذا الخطر على مخططه هذا, ولكن لا شيء يشير أو يدل إلى أنه في صدد اتخاذ اجراءات لدرء هذا التحدي.