ومؤخراً زار أردوغان دمشق, وأجرى محادثات مع الرئيس السوري بشار الأسد, وأخذ بالاعداد لإرسال مبعوث إلى إسرائيل لإطلاع رئيس حكومتها إيهود أولمرت على نتائج محادثاته, وصرح وزير خارجيته علي باباجان بأن تركيا تحاول إحياء المفاوضات بين سورية وإسرائيل منذ أكثر من سنة, وقد تكثفت تلك الرسائل في الآونة الأخيرة بهدف إجراء مباحثات تمهيدية بين الطرفين.
عارضت الولايات المتحدة إجراء أي اتصال بين سورية وإسرائيل, ولجأت إلى مختلف السبل التي تمكنها من فرض عقوبات على سورية وعزلها وتوجيه الاتهام لها بالتدخل في شؤون لبنان والعراق, الأمر الذي يلحق الضرر بالمصالح الأميركية في هذين البلدين.
على الرغم من الموقف الأميركي فإن السوريين يعتقدون بأن الولايات المتحدة هي الجهة الوحيدة القادرة على تحقيق النجاح لأية محادثات تجري مع إسرائيل, ذلك لأنهم على قناعة تامة بأنها الجهة الوحيدة التي بإمكانها طمأنة الإسرائيليين وتقديم الضمانات لهم نظير موافقتهم على الانسحاب من الجولان.
لكن وفي ضوء عدم ثقة دمشق بإدارة بوش التي تعتبرها السبب الرئيس لكل المعضلات القائمة في المنطقة, لذلك فإنها ستنتظر نتائج الانتخابات الرئاسية في أميركا, لعل الرئيس الجديد يتخذ خطوة نحو إحلال السلام في (الشرق الأوسط).
استمر الرئيس بشار الأسد على نهج الرئيس حافظ الأسد من حيث تمسكه( بصيغة الأرض مقابل السلام) كي يتحقق النجاح لتلك المحادثات, وبمعنى أوضح يتعين على إسرائيل أن تلتزم بالانسحاب الكامل من الجولان حتى حدود 4 حزيران عام .1967
في عام 1993 و1994 تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين أمام الأميركيين بأنه سينسحب من كامل الجولان في إطار اتفاقية سلام مع سورية, لكنه اغتيل من قبل متعصب يهودي في عام ,1995 و خلفه شمعون بيريز في رئاسة الحكومة حيث أيد الوعد الذي قطعه سلفه, لكن بنيامين نتنياهو الذي تولى رئاسة الوزراء منذ عام 1996 إلى ,1999 وخلفه إيهود باراك في عامي 1999 و2000 رفضا الإقرار بهذا التعهد.
في الوقت الحاضر ترغب سورية أن يلتزم أولمرت بنفس الوعد الذي قطعه رابين بشأن السلام, وترى بأن إسرائيل عندما تلتزم بإعادة الأراضي فإن كافة القضايا المتنازع عليها يمكن بحثها بما في ذلك الهواجس الأمنية الإسرائيلية.
ذكرت وسائل الإعلام السورية أن أردوغان هاتف الرئيس بشار الأسد وأخبره بأن أولمرت قد أبدى استعداده لإعادة الجولان, ذلك الأمر الذي تتمناه سورية, أما المتحدثون الإسرائيليون فلم يؤكدوا ذلك واكتفوا بالقول بأن إسرائيل على معرفة بالثمن الذي يتعين عليها دفعه في نهاية المحادثات, الأمر الذي شكل كلاماً مبهماً أو صيغة لم يكن السوريون يرغبون بسماعها.
أثار كلام أولمرت عاصفة من ا لاحتجاجات في إسرائيل حيث اعتبره بنيامين نتنياهو ( تنازلاً انتحارياً) بينما رأى عضو الكنيست ديفيد تال ضرورة اللجوء إلى استفتاء شعبي بشأن الانسحاب من الجولان.
الانسحاب الكامل
دلت استطلاعات الرأي التي نشرتها صحيفة يديعوت أحرونوت بأن 32% فقط من الشعب الإسرائيلي يوافقون على الانسحاب من كامل الجولان, الأمر الذي يؤكد ضرورة السعي لكسب تأييد الشعب على أي اتفاق مع سورية.
تسود الشكوك المتبادلة كلاً من الإسرائيليين والسوريين, حيث ينظر السوريون إلى أولمرت كقائد ضعيف يفتقر لبعد الرؤية, والقدرة على القيادة, وهو عاجز أو غير راغب فعلاً بتحقيق السلام.
أما إسرائيل فإنها تعتبر سورية عدوة لها, وإنها الوحيدة التي تشكل تهديداً عسكرياً وخاصة في ضوء تحالفها مع إيران وحزب الله في لبنان, وأشارت إلى أن هدفها من السعي نحو السلام يرمي إلى إبعاد سورية عن هذا التحالف, وتفكيك المحور الذي يربط جنوب لبنان بطهران ودمشق, ذلك المحور الذي تنظر إليه الولايات المتحدة وإسرائيل باعتباره عقبة في تنفيذ هيمنتها الإقليمية.
إن الطموح نحو السلام سيبقى في إطار الأماني, حيث تنظر دمشق إلى إسرائيل باعتبارها كياناً عدوانياً, وما يعزز هذا الاعتقاد ماقامت به القوات الجوية الإسرائيلية من ضرب لمنشأة عسكرية في شمال شرقي سورية في أيلول الماضي, والمجازر المرتكبة بحق المدنيين العزل في غزة, تلك الممارسات التي تشكل رسالة للرأي العام السوري والعربي بأن(إسرائيل) ليست لديها الرغبة الحقيقية في إحلال السلام في المنطقة.
الانترنت - عن موقعgulfnews