ويقول إن هذا الظلم هو في حقيقته ظلم عام وشامل تقوم به المؤسسة الأميركية الحاكمة ضد الإنسان الأميركي بالمطلق, سواء أكان هذا الإنسان أسود أم أبيض, وينادي السيناتور برفع الظلم عن الإنسان الأميركي, ويقول إنه لا يكاد يستوعب الحقيقة التي تقول إن في أميركا, البلد الأغنى على سطح الأرض,فقراء ينامون في العراء وفي منعطفات الطرق لأن بلدهم الأغنى هذا لا يوفر لهم سكناً يلم شعثهم في الوقت الذي يصرف فيه مليارات الدولارات على حرب خاسرة في العراق. ويقول إنه لم يعد متاحاً للإنسان الأميركي الأبيض في الوقت الحاضر أن يوقع أي مقدار من الظلم المتعمد على الإنسان الأميركي الأسود لأن هناك دستوراً يحميه مقدساً ومرعياً ودون التعدي عليه, ويلوم السيناتور أوباما عشيرته من الأميركيين السود ويتهم أفرادها بالتقاعس عن الأخذ بأسباب النجاح الشخصي المفضي إلى تخطي أوضاعهم الاجتماعية المتدنية!. طروحات السيناتور أوباما تتباين تماماً وتختلف مع طروحات قادة الحقوق المدنية السود التاريخيين من أمثال جيسي جاكسون وآل شاربتون وغيرهما الذين يدافعون عن السود ويتحدون البيض!. بعض قادة الحقوق المدنية السود الذين لا يعجبهم خطاب باراك أوباما ولا مواقفه المهادنة للبيض. يهمسون ويغمزون ويقولون إنه ليس أسود بما يكفي فهو نصف أبيض ونصف أسود, بل عاش وتربى في بيئة بيضاء بالكامل, وتلقى تعليماً بحكم وضعه ذاك لم يكن متوافراً لأقرانه من التلاميذ السود بالميلاد والمنشأ.. ويرى المحللون أن أوباما لديه فلسفة في تناول الشأن الأميركي العام تتعالى على الحيز الضيق الذي أخذ به سابقوه من القادة السود ويقترب تناوله هذا كثيراً من تناول الدكتور مارتن لوثر كينغ حول الحقوق المدنية .. وأما كيف استطاع أوباما تجميع كل هذا العدد الكبير من المؤيدين من الأميركيين البيض والسود لحملته الانتخابية, فيرون أن الإجابة تكمن في اعتماده على مخاطبة الوجدان الشعبي بلغة عاطفية تخاطب الأشواق الشعبية التواقة للتصالح الاجتماعي والسمو فوق التشاحن الحزبي, ولم شعث العلاقات الاجتماعية بصورة تجعل الأميركيين يحسون أنهم أمة واحدة. صحيح أنه خطاب معمم ولا يشرح كيف يمكن الوصول إلى هذا العالم السحري الأميركي الذي يعد به أوباما ولا يوضح الوسائل التي سوف يعتمدها لإحداث تلك النقلة النوعية الكبيرة التي يتحول فيها المجتمع الأميركي من مجتمع متطاحن, تعصف به حرب ثقافية تاريخية ظلت تدور بين المحافظين المتدينين وبين الليبراليين عدة قرون, بل ويمتد أثر هذه الحرب إلى صميم الأسرة الأميركية بصورة تشجع أحياناً بعض الأطراف على ارتكاب الجريمة مثل حوادث الاعتداء على القضاة الذين يتحتم عليهم الفصل في قضايا دستورية بالغة الحساسية مثل قضايا الفصل بين الدين والدولة وغيرها من قضايا الحرب الثقافية المشتعلة بين المحافظين والليبراليين, إن المثير حقاً هو استطاعة السيناتور أوباما حشد كل هذا التأييد بمثل هذه الخطابات المعممة.
كثيرون من الذين أنزلوا الهزيمة القاسية بالسيناتور كلينتون قالوا إنهم غير ملمين ببرامج أوباما الانتخابية التي ينوي تنفيذها, ولكنهم منفعلون بخطابه التصالحي ووعوده بتحقيق الوحدة بين أطراف المجتمع الأميركي. إضافة إلى بساطة خطابه وعدم عمقه, وقد ظهر ذلك في الحالات القليلة التي وجهت له فيها أسئلة مباشرة, وكانت تتطلب إجابة على الهواء مباشرة, وليست إجابة يعدها منظمو الحملة, فعندما سئل عما إذا كان سيفتح حواراً مباشراً مع خصوم الولايات المتحدة, أجاب أنه سيفعل هذا بالتأكيد, وأضاف: (إنك تحاور خصومك لتصل إلى حل لمشكلة قائمة بينك وبينهم, ولا تحاور أصدقاءك لأنه ليس بينك وبينهم مشكلات). كان هذا الرد دقيقاً ورصيناً ونمّ عن رؤية أوباما تجاه علاقاته الدولية!!