وهنا يصدق المثل القائل: من لايستطيع الركوب على الجمل, يركب على البردعة .
هذا ما فعلته المروحيات الأميركية التابعة للقوات الأميركية في العراق, عندما اخترقت الحدود السورية, وأغارت على بناء مازال في مرحلته الأولى في مزرعة السكرية وهي مزرعة صغيرة مجاورة للحدود العراقية في محافظة البوكمال, بذريعة ملاحقة إرهابيين متسللين من العراق وبالعكس, وكانت النتيجة استشهاد سبعة من المواطنين السوريين الذين يعملون في هذا البناء, مع عدد من الجرحى, لاذنب لهم سوى أنهم كانوا في وجه الجنود الأميركيين الذين ضاقوا ذرعا بما يعانون في العراق, على أيدي المقاومين العراقيين الرافضين للاحتلال, وليس من الإرهابيين كما يدعون لأن إدارتهم هي التي تبنت الإرهاب, ورعته ونشرته في بقاع شتى من العالم لخدمة مصالحها.
لقد فشلت الإدارة الأميركية في مكافحة الإرهاب, خلال سبع سنوات بعد أحداث العاشر من أيلول 2008, لابل زادت من حدة الإرهاب وانتشاره, ولكي تغطي على فشلها وخيبتها في عملياتها ضد الإرهاب الحقيقي, ولاسيما في العراق وأفغانستان وباكستان فإنها تلجأ بين الحين والآخر إلى إشاعة مقتل أحد القادة الإرهابيين, الذي تنسجه من مخيلتها وتطلق اسمه وصفاته التي ليس لها وجود أصلا, وهذا ما ادعته الخارجية الأميركية في تبرير العدوان الوحشي على ( مزرعة السكرية) مبررة تلك الفعلة الشنيعة بملاحقة أحد الذين يهربون الإرهابيين, فتصوروا تلك الذريعة/ الأكذوبة بالشكل والمضمون. وربما كان القصد أن تضاف إلى أكاذيب بوش قبل مغادرته البيت الأبيض.
ولكن ثمة أسئلة تطرح حول توقيت هذه العملية الإجرامية بحق المواطنين السوريين, والسيادة السورية, في الوقت الذي خفت فيه حدة التوتر في المنطقة ولذلك ذهب المحللون إلى أبعاد مختلفة في تساؤلاتهم التي اتسمت بالتهكم والاستغراب, فهل ترفع هذه العملية من رصيد بوش المالي ليغطي عجز البنوك المفلسة, ويعالج الأزمة النقدية التي عصفت بأميركا جراء سياساته الفاشلة? أم تغطي إفلاسه السياسي في محاربة الإرهاب ونشر الديمقراطية المزعومة, التي خلفت وراءها الخراب والدمار أينما حلت?
أم ربما اعتقدت الإدارة الأميركية أن هذه العملية قد تصحح بعض التشوهات في الصورة الأميركية التي أحدثتها سياستها بزعامة بوش وعلى مدى ثماني سنوات أمام الرأي العام الأميركي والعالمي?
ومهما يكن التبرير, فإن الأمر على عكس ذلك تماما, فهذه العملية بشكلها وهدفها, ليست إلا نقطة سوداء واسعة تضاف إلى آلاف النقاط السوداء التي اتسمت بها سياسة بوش وملأت صفحات التاريخ الأميركي على مدى السنوات الثمانية الأولى من القرن العشرين, هذه السياسة التي مورس فيها شتى أنواع الكذب والرياء, من أجل الهيمنة والسيطرة بالقوة, فكان نصيبها الفشل والسقوط في مستنقع العجز المالي والسياسي على حد سواء.
لقد عملت سورية جاهدة, ومنذ سنوات عدة على ضبط حدودها مع العراق من أجل أمنها وأمنه حيث قامت بنشر أكثر من عشرة آلاف من جنود( حرس الحدود) الذين تمركزوا في 150 نقطة للمراقبة والتفتيش, وأميركا تعرف ذلك تماما, لأن سورية أيضا تعاني من الإرهاب, والشواهد على ذلك كثيرة وآخرها العملية الارهابية في دمشق.
فالذرائع الأميركية إذن بالهجوم على ( مزرعة السكرية) واهية ولاسند لها سوى الغطرسة الأميركية التي تحاول تغطية فشلها في الحفاظ على أمن العراق, ومقاومة الإرهاب من خلالها, كما ادعت قبل غزوه واحتلاله قبل خمس سنوات ونصف السنة ( آذار 2003) ولاسيما أنها تحاول الآن فرض اتفاقية أمنية بالقوة لايرضى عنها الشعب العراقي ويعبر عن رفضه لها بالاحتجاجات والمظاهرات