أثار لديه الكثير من الشجون التي كان يحلم بتحقيقها أو بعضها لعله يعوض عن الكثير من إخفاقاته السياسية والعسكرية والأمنية التي كانت من نصيبه طوال فترة حكمه, فالكل يتذكر ما تداولته وسائل الإعلام الإسرائيلية قبيل سقوط اولمرت عن زعامة حزب كاديما حول اتفاق رف محتمل تم التوصل إليه بينه وبين رئيس السلطة الفلسطينية بشأن ما سمي بالتسوية النهائية بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية , يعود اولمرت هذه الأيام للحديث عن التسوية مع سورية وان استمرار المفاوضات معها قد يمنحها وديعة جديدة على شكل تعهد بانسحاب كامل من الجولان ويضمن لإسرائيل في الوقت نفسه التراجع عن هذه الوديعة مستقبلا, بحسب صحيفة معاريف التي نقلت عن مسئول إسرائيلي مقرب من اولمرت قوله:(بان منح السوريين وديعة لاتشكل نقطة اللا عودة عن المفاوضات معهم وان حقيقة تعهد ثلاثة رؤساء وزراء سابقين رابين ونتنياهو وباراك بهذه الوديعة وتراجعوا لا يبرر عدم استئناف المفاوضات مع سورية.
..هآرتس : لن يصلح أولمرت ماأفسدته السياسات الإسرائيلية..
وكان المسؤول الإسرائيلي المقرب من اولمرت يتحدث في معرض رده على انتقادات اليمين الإسرائيلي ومعارضة تسيفي ليفني على ما نقلته معاريف على لسان المقربين من اولمرت حول سعيه لاستئناف المفاوضات مع سورية ,والتي جمدها منذ استقالته وبعد استقالة رئيس الوفد المفاوض, يورام توربوفيتش, من منصب رئيس طاقم مستشاري رئيس الحكومة.
الى جانب امتناع أولمرت عن إجراء مفاوضات مع سورية منذ انتخاب ليفني رئيسة لكديما في أواسط شهر أيلول الماضي وحتى الإعلان عن فشلها في تشكيل حكومة مطلع الأسبوع الماضي.
ولا تزال أقوال اولمرت بشان استئناف المفاوضات مع سورية تثير ردود أفعال مختلفة ومتباينة في الأوساط السياسية والحزبية الإسرائيلية , ففيما تواصل أحزاب اليمين وتياراته توجيه الانتقادات الحادة لما صرح به أولمرت, أعربت ليفني زعيمة كديما وزيرة الخارجية عن تحفظها من قيام حكومة انتقالية بمفاوضات سياسية مع سورية, في وقت أعلن فيه باراك وزير الحرب وزعيم حزب العمل عن دعمه لقيام الحكومة الانتقالية الحالية بإجراء مفاوضات مع سورية, لكنه حذر سورية من ما اسماه عواقب مواصلة شحن السلاح لحزب الله.
وفي السياق نفسه, نقلت صحيفة هآرتس, عن مصدر سياسي إسرائيلي رفيع قوله إن اتصالات ستبدأ الأسبوع المقبل بين مكتبي أولمرت ورئيس الوزراء التركي, رجب طيب أردوغان, من أجل محاولة تنسيق موعد لعقد جولة محادثات خامسة بين إسرائيل وسورية.
رغم ذلك أشارت الصحيفة إلى أنه من الجائز أن يواجه أولمرت صعوبة في استئناف المفاوضات مع سورية في أعقاب توتر العلاقات بين الولايات المتحدة وسورية, بعد الهجوم الأميركي في سورية قبل عدة أيام والذي أسفر عن مقتل سبعة مواطنين سوريين, وأعقبته خطوات سورية بينها إغلاق مؤسسات أميركية وإعلان وزارة الخارجية الأميركية عن إغلاق سفارتها في دمشق حتى إشعار آخر.
الصحافة العبرية أفردت حيزا كبيرا في عناوينها وتحليلاتها لما قاله اولمرت حول الموضوع السوري فقد جاء في مقالة نشرتها هارتس للمحلل السياسي ألوف بن :أن حكومات إسرائيلية اتخذت في الماضي قرارات مصيرية تتعلق بالحرب والسلام عشية انتخابات, ولم يكفر أحد بصلاحياتها أو بشرعيتها.
وتطرق المحلل المذكور الى أسماء رؤساء وزراء اتخذوا قرارات مصيرية كهذه, مثل غولدا مائير إبان حرب العام 1973, ومناحيم بيغن الذي أمر عشية انتخابات العام 1981 بقصف المفاعل النووي العراقي, واسحاق شمير الذي فاوض الفلسطينيين والسوريين, على أثر مؤتمر مدريد, حتى موعد انتخابات العام 1992, وايهود باراك الذي أجرى مفاوضات مع السلطة الفلسطينية في طابا حتى انتخابات العام 2001.
من جهة ثانية أفادت صحيفة يديعوت أحرونوت, نقلا عن مصادر سياسية إسرائيلية, بأن الاتصالات بين إسرائيل وسورية ستكون أحد المواضيع التي سيبحثها أولمرت مع الرئيس الأميركي,لدى زيارته لواشنطن الشهر المقبل.
وبدوره كتب ناحوم بارنيع المحلل السياسي في يديعوت احرنوت مقالا مطولا حول احتمالات استنئاف المفاوضات مع سورية :بموجب الرسائل التي نقلها الأتراك لإسرائيل, فإن لحظة الحسم أخذت تقترب وجولة المحادثات المقبلة, وهي الخامسة, يفترض أن تكون الجولة غير المباشرة الأخيرة, وسورية مستعدة للانتقال لمحادثات مباشرة وشرطها هو تعهد إسرائيلي بالانسحاب إلى خطوط الرابع من حزيران 1967.
ورأى برنياع أن أولمرت استأنف المفاوضات من نقطة مريحة أكثر من نقطة البداية لرؤساء الحكومات الإسرائيلية السابقين رابين بيرس و نتنياهو و باراك.
وكشف بارنيع بان أولمرت ليس نادما على كسر مقاطعة سورية, لكنه يخشى أن تخسر إسرائيل المقابل الذي ينبغي أن تحصل عليه في حال دخول المفاوضات في حالة جمود. فالجمود بالنسبة لإسرائيل يفتح الباب أمام مخاطر متنوعة ثم خلص بارنيع للحديث عن وضع اولمرت السياسي مقارنة بوضع رابين السياسي في حينه قائلا : عندما منح رابين الوديعة لوزير الخارجية الأميركي وورن كريستوفر ومنح نتنياهو وديعته لرجل الأعمال رون لاودر, لم يتم طرح القرار للتصويت عليه في الحكومة أو المجلس الوزاري الأمني المصغر ولم يعلم به الجمهور.
لكن عندما تكون الحكومة حكومة انتقالية فإن الوضع مختلف جوهريا, وسيرد الإسرائيليون, وحتى أولئك المستعدون للتنازل عن كل الجولان, بعدم ارتياح وسيقول الكثيرون لأولمرت أنك لست مفوضا . وأشار برنياع إلى أن )كلا المرشحين لخلافة أولمرت, نتنياهو وليفني, يعارضان مفاوضات مع سورية الآن وكل واحد له أسبابه الخاصة.
وإذا كنت أفهم رغبة أولمرت بشكل صحيح, فإنه سيمتنع عن القيام بعمل ما يتم تفسيره على أنه غير قابل للتغيير. وكل قرار ينبغي أن يكون مدعوما من الحكومة ويحظى بتأييد واضح من جانب ليفني .
وبرغم الضجة الإسرائيلية الكبيرة حول أقوال اولمرت بشان استئناف المفاوضات غير المباشرة مع سورية ,فان بعض المراقبين الإسرائيليين يرون بان هذه الأقوال ليست سوى عاصفة في فنجان لأسباب كثيره أهمها ضعف اولمرت وعدم أهليته لاتخاذ أي قرار استراتيجي وعدم وجود حكومة إسرائيلية قوية والسبب الأهم وجود إسرائيل على عتبة انتخابات مبكرة وانتظار العالم نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية.وفي مقابل ذلك , هناك من يرى من المحللين الإسرائيليين بان العالم والمنطقة وإسرائيل يعيشون في فترة رخوة تمتد ثلاثة شهور الى أن تتسلم الادارة الأمريكية الجديدة زمام الأمور , وهي فترة مناسبة لقيام إسرائيل بمغامرة عسكرية تخرجها من الأزمات الطاحنة التي تعيشها لاسيما وان تصدير الكثير من أزماتها في السابق كان يتم من خلال الحروب .