ومثل هذه الادعاءات تمثل تضليلاً لجيل الشباب المراهقين إذ يحول توجههم من القضايا المهمة إلى القضايا الشكلية والدوران في حلقة مفرغة..
فما تأثيرات ولع المراهقين باتباع الموضة في كل شيء وانعكاسها على شخصيتهم وكيف التعامل لنزداد بعداً عن التحلل الأخلاقي والانهزام النفسي?
لاأدخر جهداً أو مالاً
مطاع الحسين ماجستير تربية يقول: بعض السلوكيات تكون عابرة ومرتبطة بظرف معين أو تقليد لصديق أو لإثارة اهتمام شخص من الجنس الآخر أو غير ذلك وعند البعض الآخر تصبح هذه السلوكيات متكررة وسمة غالبة على الشخص وإدمانية وفيها يستهلك الشاب طاقاته وتفكيره باحثاً عن الغرابة في الموضة وصرعاتها.
وعن مدى أهمية الموضة في حياة حسام عباسي طالب في المرحلة الثانوية قال: لا أستطيع تصور شكلي من دون أحدث موديلات الجينز والملابس من الماركات العالمية اضافة إلى قصة الشعر الملائمة ليكون مظهري مواكباً لأحدث خطوط الموضة.
بينما رأت زميلته رؤى (17سنة) وهي غير متأثرة بهذا الشكل عما قاله حسام إذ لاشك أن مظهري أساسي ومهم جداً بالنسبة لي إلا أنني لاأدخر جهداً أومالاً ليكون شكلي مواكباً لآخر صيحات الموضة.
أتفهم مايردن?
ومن جهتها السيدة فاطمة مدرسة وتماشياً مع التوافق الاجتماعي العام وولع الفتيات باتباع الموضة ابتداء من الملابس وانتهاء بجميع الحركات والسكنات أنا أحرص بالطبع على أن تظهر بناتي بمظهر لائق وغير مخالف لتقاليدنا العربية لكنني أتفهم أنهن في هذه السن يردن أن يبرزن جمالهن ويواكبن التطور.
بينما تنصح هبة الملا التي تعمل في مجال التجميل الفتيات المراهقين بالاعتدال واحترام الضوابط الاجتماعية بسبب عدم اكتمال نضجهن الفكري فهن عرضة أكثر من غيرهن للتأثيرات الخارجية لما يصدر الينا من مظاهر براقة وخاصة من وسائل الاعلام المتنوعة وغيرها وبالتالي فليس من الغريب أن تكون ضحايا الموضة أغلبهم من المراهقات والمراهقين الشباب.
كيف التعامل مع صراعاتنا?
رغم تباين الآراء حول موضوع الموضة إلا أن المتطلع إلى واقع الشباب العربي اليوم يرى أن المظهر الخارجي أصبح من الأولويات التي يوليها الجميع من مختلف الأعمار والمستويات الثقافية الكثير من الاهتمام والوقت والمال.
إذا كيف لنا ان نتعامل مع صراعاتنا الداخلية لنزداد بعداً عن الانحلال الأخلاقي والانهزام النفسي يرى الطبيب النفسي ثائر حيدر مدرس الطب النفسي في كلية الطب في دمشق ظاهرة الولع الشديد بالموضة تعكس خللاً نفسياً بالأساس قبل كونه اجتماعياً وعدم الثقة بالنفس سبب رئيسي للاهتمام الزائد بالمظهر الخارجي حيث يعتقد المراهق أو الشاب أنه يعوض بذلك عن الفراغ الثقافي أو العلمي داخله وبدل أن يهتم بتحقيق إنجاز مهم في حياته دراسياً أو مهنياً نجده يرهق عائلته بطلباته التي لاتنتهي دون أي مراعاة لظروف الحياة المادية الصعبة هو يريد أشياء محددة ولايهمه كيف يتم تأمين النقود لشرائها ولو على حساب الأمور الأساسية من طعام ومواصلات ومصاريف دراسته وغيرها, هذه الأنانية التي تعكس شخصية غير ناضجة ليس الشاب هو من أوجدها لنفسه بل إن المجتمع والأسرة لعبا دوراً كبيراً في ذلك.
واستطرد د. حيدر بالقول: انه تعلم من أبويه أن المضمون أهم من الشكل وأن قيمة الإنسان في تفكيره وشهاداته وليس في سيارته وموبايله وملابسه, ولو عوده أبواه على كلمة لا وعلى أن الإنسان لايمكن تلبية جميع رغباته خاصة المبالغ فيها لكان بالتأكيد قد أصبح أكثر نضجاً ووعياً عند الكبر.