قريشي الآن في مقدمة الكتاب البريطانيين ومع أنه بدأ الكتابة قبل العشرين إلا أنه احتاج إلى ثلاثين عاماً كي يبدأ نجمه بالصعود, وهو الآن محور وسائل الإعلام الأوروبية المكتوبة والمرئية, ولاسيما عند الحديث عن العلاقة بين الشرق والغرب, وقد قدمت دمشق للقراء العرب, وقامت دار (ورد دار) بنشر روايتين هما (الحميمية) , (الجسد) بترجمة خالد الجبيلي.
ولد حنيف قريشي في بريطانيا عام 1954 لأب باكستاني وأم إنكليزية, وعانى في مراحل حياته المبكرة من مشاكل العنصرية بسبب بشرته السمراء, وكان أول من كتب عن الهجرة والمسلمين والعنصرية في بريطانيا.
ودرس الفلسفة في جامعة لندن وعين في عام 1982 كاتباً مقيماً في مسرح البلاط الملكي, ودخل قريشي في عام 1984 عالم السينما من أوسع أبوابه عندما رشح فيلم (مغسلتي الجميلة) لجائزة الأوسكار لأفضل سيناريو, وحازت روايته (بوذا الضواحي) على جائزة أفضل رواية في عام 1990.
سأله محاوره مذيع (يورو نيوز ) عن عمله الأخير وعما إذا كان محاولة فاشلة للتوفيق بين الشرق والغرب أو حلم فنان أو تمنيات إنسان, ويجيب قريشي بكل وضوح:
عندما بدأت الكتابة كنت أطمح إلى شرح حالتي الخاصة والتي أعتقد أنها كانت وضعاً يحسن تشخيصه, كان أبي مهاجراً باكستانياً قدم إلى بريطانيا وكانت والدتي مسيحية بيضاء البشرة, أنجبا أطفالاً هم اليوم ضحية التمييز العنصري ضدهم, وهذا الوضع لاينسحب على بريطانيا وحسب بل على أوربا قاطبة, وإن مضاعفات الأمر المتعلق بالعرق وبالهجرة وبالإسلام صارت موضوعات محورية الآن, أما أن يعتقد أن هدفي التوفيق بين الشرق والغرب فذلك ليس من طموحاتي ولا من مهامي لأنه ليس بمقدوري عمل ذلك.
وعرج المحاور على كتاب (الكلمة والقنبلة) الصادر في عام 2005 عن الأصولية, وسأله حول أسباب توجه معظم الشباب نحو الدين, ويرى حنيف قريشي أن المؤمنين حياتهم سهلة, وأن العيش في مجتمع علماني صعب جداً لكنه يؤكد في نهاية الجواب إنه علماني.
بعد ذلك كله يدخل محاور (يورونيوز) في الأزمة المالية الحالية, ويسأل قريشي: هل تعتقد أنها حماقة من الحماقات التي جنت على الرأسمالية?
ويرى حنيف قريشي أن الرأسمالية السائبة التي تطلق العنان تؤدي حتماً إلى الاستهلاك الفاحش ثم إلى الكساد الاقتصادي الذي نعاني منه الآن.
وبنوع من التهكم يعود قريشي إلى عهد تاتشر حيث صار كل شيء غير منظم, وأن ماكانت ترمي إليه مارغريت تاتشر هو أن يصير بعض الرجال أثرياء, وهي تحب المال حباً جماً وتحب الرجال, وهي المرأة السياسية الأولى في فترة مابعد الحرب التي كانت مولعة بالمال.
ويذكر قريشي أن حلم حياته في فترات الخمسينيات والستينيات والسبعينيات كان تأسيس مفهوم المساواة, وأن لاتكون الهوة بين أبناء الأغنياء والفقراء كبيرة, وأن أبناء الفقراء يجب أن تكون لهم فرص في الحياة كبيرة ويجب ألا يتعرضوا للإهانة, لكن ذلك الحلم تبخر بسقوط الشيوعية في 1989, وينبغي الآن إيجاد إيديولوجية يسارية بديلة.