|
محاذير الزواج العرفي..سهولة الخلاص يرمي بالمرأة وأولادها إلى التهلكة علوم ومجتمع
أدارت النقاش فيها رئيسة المركز هناء الدرة ونظراً لأهمية هذه المحاضرة, أجرينا مع المحاضر الحديث التالي: - بداية ما تعريف الزواج شرعاً وقانوناً? -- تعريف الزواج شرعاً هو عقد يفيد حل استمتاع رجل بامرأة لم يمنع من العقد مانع شرعي. أما قانوناً: هو عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعاً غايته إنشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل (المادة 1 أحوال شخصية سوري). - كيف نميز بين عقد الزواج الرسمي وعقد الزواج العرفي? -- عقد الزواج الرسمي: لايكون إلاعن طريق المحكمة الشرعية ويتطلب لإجرائه عدة وثائق نص عليها قانون الأحوال الشخصية وغيره وبعض البلاغات منها: طلب (معاملة زواج) وشهادة مختار محلة أحد الزوجين على المعاملة نفسها, وإخراج قيد مدني لكل من الزوجين من أمانة السجل المدني التابع لها كل منهما( بشكل مستقل أو على المعاملة بعد تحويلها من المحكمة الشرعية). تقرير طبي من طبيب يختاره الخاطبان بسلامتهما من الأمراض السارية وصلاحيتهما للزواج مصدق أصولاً. رخصة زواج من شعبة التجنيد التابع لها الزوج( وفق المادة 84 من قانون خدمة العلم) . ضبط مشاهدة لجسم أي من الزوجين إذا كان سن الزوجة فوق ال13 ولم تتم ال17 أو إذا كان سن الزوج فوق ال15 ولم يتم ال18 (على معاملة الزواج نفسها). ضبط موافقة ضرة أو كفاءة مالية بإمكانية إعالة الزوج لأسرتين في حال كانت الزوجة الجديدة إضافة للسابقة. شهادة خلو من الإيدز لمن كان غير سوري من الزوجين( أجنبي أوعربي). موافقة من وزارة الداخلية إذا كان أحد الزوجين أجنبياً( غير سوري وغير عربي) ( وفق المرسوم التشريعي 372 لعام 1969). أما عقد الزواج العرفي: فيكون شفهياً أو خطياً وفق الصيغة والشروط الشرعية يعقده شيخ أو غيره( مع ملاحظة عدم وجود مانع شرعي للزواج, وتبادل ألفاظه صراحة بحضور الولي وشاهدين). وإذا كان خطياً (وهو أفضل بكثير من الشفهي) فيجب أن يعطى كل زوج نسخة أصلية أي موقعة من الطرفين والولي والشهود. وهذا الزواج شرعي وقانوني, شرعي أي لا يخالف الشرع, وقانوني يعترف به إذا ادعى أحد الطرفين طالباً تثبيته في المحكمة ومنتجاً لآثاره كاملة كالتوارث وغيره ( توضيحاً للآثار..). وهذا الزواج هو الذي كان سائداً قبل إحداث سجلات الأحوال المدنية وتسميته عرفياً طارئة لتمييزه عن الرسمي المستحدث للتوثيق وحفظ حقوق الزوجين وعدم ضياع الأنساب. من الملاحظ أن عقد الزواج العرفي يزداد طرداً كلما ابتعدنا عن المدن باتجاه الأرياف والمناطق النائية.. - لماذا ومتى يتم اللجوء إلى عقد الزواج العرفي? -- عقد الزواج العرفي يتناسب عكسياً مع زيادة الوعي لذلك فهو أقل ما يكون في المدن وأكثر ما يكون في الأرياف والقبائل والأسر المتنقلة. واللجوء إليه يكون إما ظناً أنه الأكثر شرعية بسبب عقده من شيخ, والحقيقة خلاف ذلك. وإما لاستسهاله للسرعة مثلاً. أو لمكتومية أحد الزوجين, أو لعدم الحصول على موافقة التجنيد, أو لبعد دائرة الأحوال المدنية التابعين لها. ومن أهم أسباب الزواج العرفي بالنسبة للسوريين هو سن التكليف وعدم تأدية خدمة العلم وبالدرجة الثانية عدم وجود قيود لأحد الزوجين في السجل المدني(مكتوم)..أو بعد دائرة الأحول المدنية لأحد الزوجين عن مكان إقامته.. أما بالنسبة لرعايا الدول العربية فيكون عدم حصولهم على موافقة من سفارات دولهم على الزواج وغالباً رغبتهم بالحصول على الموافقة لإبقاء زواجهم سراً على سفاراتهم ومن ثم أسرهم. وأما بالنسبة لرعايا الدول الأجنبية فنادراً جداً الزواج العرفي. - ما العقوبات المفروضة للحد من انتشار هذا الزواج العرفي? -- تناولت المواد 469 حتى 472 من قانون العقوبات السوري الجرائم المتعلقة بالزواج فقد نصت المادة 469 على ما يلي: إذا عقد أحد رجال الدين زواج قاصر لم يتم الثامنة عشرة من عمره دون أن يدون في العقد رضا من له الولاية على القاصر أو أن يستعاض عنه بإذن القاضي عوقب بالغرامة من مائة إلى مائتين وخمسين ليرة. أما المادة 470 فقد نصت على أنه يستحق للعقوبة نفسها رجل الدين الذي يعقد زواجاً قبل أن يتم الإعلانات وسائر المعاملات التي ينص عليها القانون أو الأحوال الشخصية أو يتولى زواج امرأة قبل انقضاء عدتها. وفي المادة 471 ورد ما يلي: 1 من تزوج بطريقة شرعية مع علمه ببطلان زواجه بسبب زواج سابق عوقب بالحبس من شهر إلى سنة. 2 ويستهدف للعقوبة نفسها رجل الدين الذي يتولى عقد الزواج المذكور مع علمه بالرابطة الزوجية السابقة. وفي المادة 472: شملت العقوبة حتى الشهود. (ينزل منزلة رجال الدين لتطبيق الأحكام السابقة, المتعاقدون وممثلوهم والشهود الذين حضروا الزواج بصفتهم هذه). المرأة هي الطرف الضعيف غالباً في الزواج العرفي فهي أكثر تعرضاً لسلبياته وتبعاً لها تعاني أسرتها كالوالدين والأخوة ومن ثم الأولاد إذا لم يتم تسجيلهم. وهذا لايعني أن الزوج بمنأى عن سلبيات الزواج العرفي... - كيف تلخص أهم المحاذير الناجمة عن الزواج العرفي? -- أهم محذور هو إنكار هذا الزواج وفي حالة وفاة الشهود وعدم التمكن من الإثبات فلا يبقى لإثباته سوى اليمين وفق المادة 145 أحوال شخصية لقدري باشا( وفق مذهب أبي حنيفة) التي تنص على: إذا وقع نزاع بين الزوجين في أمر النكاح يثبت بشهادة رجلين عدلين أو رجل وامرأتين عدول. فإذا ادعى أحد على امرأة أنها زوجته أو ادعت هي أنه زوجها وجحد المدعى عليه وعجز المدعي عن البينة فله أن يستحلف الجاحد فإن حلف سقطت الدعوى وإن نكل قضي عليه بنكوله. وكما هو معلوم إنكار الزواج إنكار لآثاره كالدخول( من أجل البكارة) والمهر والحمل أو المولود بالإضافة للسمعة الناجمة عن الإنكار للطرفين. ثانياً:وغالباً ما يتم التهريب من تثبيته ليس إنكاراً له بل لإبقاء الأمر معلقاً لاعتقاد أحد الطرفين بسهولة الخلاص وهذا ما يسبب ألماً نفسياً رهيباً للزوجة. فإذا توفي الشهود أو أحد الزوجين فيتعقد الأمر على أي من الزوجين. ثالثاً:ربما لايتم إنكار الزواج لكن يتم إنكار النسب الناجم عنه لأن المولود المسجل في السجل المدني لا يمكن نسبه إلا بإلحاقه بنسب آخر, أما غير المسجل بسبب الزواج العرفي الذي لم يثبت بعد فيتم إنكار النسب دون الحاجة إلى إلحاقه بنسب آخر, وتوجد في المحاكم الشرعية قضايا بهذا الخصوص. رابعاً:بالنسبة للمهر في حال سوء النية يتم إنكار حقيقة مقداره المتفق عليه أو قبضه وعدم قبضه وأحياناً يتم التحايل للإنقاص منه بسبب الرسوم المتوجبة عند التثبيت ( لأن العقد ابتداء معفى كما أشرنا في المادة 46 أحول شخصية) والرسوم عند التثبيت على مجموع المهرين إذا كان التثبيت بمعاملة إدارية تكون 13 بالألف ,وإذا كان التثبيت بدعوى تكون 20 بالألف وإذا كان الإنقاص بحسن نية لتخفيض الرسوم فيضيع المهر على الزوجة. خامساً:أحياناً يتم الزواج بعقد عرفي وبعد عدة أشهر يقوم الزوجان بإجراء معاملة زواج بدلاً من تثبيت الزواج توفيراً للرسوم (دون إنقاص المهر) أو جهلاً منهما. فإذا لم يكن هناك حمل مرّ الأمر بسلام, ولكن إذا كان هناك حمل لمدة أكثر من ثلاثة أشهر, هنا يقع إشكال, ولا بد لتلافيه من إقامة دعوى تصحيح تاريخ زواج بأنه بدلاً من تثبيت الزواج جرى خطأ عقد زواج.. سادساً: الخلوة:إذا جرى عقد عرفي بتاريخ معين ووقعت الخلوة الصحيحة بعده ثم جرى عقد زواج رسمي وقبل الزفاف جرى الخلاف بين الزوجين وتم الادعاء بوقوع الخلوة ( لانعكاسها على المهر) وتم إحضار الشهود على الخلوة فالشهود يشهدون على الخلوة بتاريخ وقوعها. وحيث أن تاريخ العقد الرسمي بعدها فهنا يقع إشكال.. سابعاً: في حال وقوع الطلاق بعد الإنجاب أو الحمل من العرفي, فلا بد من دعوى تثبيت زواج وتثبيت نسب وتثبيت طلاق. ولكن إذا لم تتم هذه الإجراءات وتزوجت المرأة بعد انقضاء عدتها من زوج آخر وأنجبت منه أيضاً فإن كان زواجها الثاني عرفياً أو رسمياً فيقع الإشكال باحتمال اختلاط الأمور.. وخاصة إذا كانت الزوجة حاملاً ولا تدري أو تدري ولكن لم تعلن عن حملها فتكون عدتها بالأشهر, فتتزوج من آخر وهي حامل من السابق, فيضيع نسب المولود وينسب لغير والده. وتتعقد الأمور أكثر في حال وفاة أحد الزوجين السابق أو اللاحق . ثامناً: ربما تكون الزوجة المعقود عليها عرفياً زوجة خامسة(بحسن نية أو بسوء نية).. تاسعاً : ربما تكون المعقود عليها عرفياً من المحارم المؤقتة كأخت الزوجة أو خالتها أوعمتها. عاشرا ً: ربما تكون المعقود عليها عرفياً زوجة بشكل رسمي لشخص آخر بسوء نية أو حسن نية, مثال صدور قرار القاضي بالتفريق بين الزوجين وتعتقد الزوجة أن بإمكانها الزواج بعد انقضاء عدتها ولكن قرار التفريق لم يصبح قطعياً.أو بالعكس, ربما تكون المعقود عليها رسمياً زوجة عرفياً لشخص آخر. حادي عشر: إذا كان أحد الزوجين غير سوري وحامل للإيدز فينقل المرض للآخر. ثاني عشر: في حال كون أحد الزوجين أجنبياً, ما يتطلب موافقة مسبقة من وزارة الداخلية. فهذا الزواج ولو تم تثبيته بحكم قضائي يعلق تنفيذه على الحصول على الموافقة, عدا عن الملاحقة الجزائية وفق أحكام المرسوم التشريعي 372 4/11/1969 ثالث عشر: بالعقد الرسمي إذا كان موطن أحد الزوجين بعيداً أو خارج القطر يمكن وضع موطن مختار لتتم التبليغات القضائية إليه أما في العرفي فيتعذر ذلك.. وإذا كان العقد شفهياً يتعذر إثبات مقدار المهر وقبضه أو عدم قبضه, والشروط الأخرى كالعصمة والأغراض الجهازية والمصاغ أو عمل الزوجة أو انتقالها لغير بلدها...الخ. رابع عشر: وضع الأولاد إذا وجد مانع من تسجيلهم على فرض حسن النية وصاروا بسن المدرسة وجنسيتهم ومسألة سفرهم وتقدير أعمارهم في حال لم تتم ولادتهم بمشفى حكومي إلى ما هنالك من إشكالات تتبع لهذه الناحية. وهذه الإشكالات هي عبارة عن عناوين يتفرغ عن كل منها إشكالات أخرى وقد صدرت عدة بلاغات وتعاميم من وزارتي العدل والداخلية من أجل ضبط أمور الزواج بالإضافة للاجتهادات القضائية حول هذا الموضوع. - ماالنصيحة التي تسديها كمحامٍ أخيراً لمن تورطوا في عقد الزواج العرفي? -- البعض ممن يلجؤون لعقد الزواج العرفي, تم الزفاف أم لم يتم(وخاصة إن لم يتم الزفاف) في حال رغبتهم بالانفصال, يعتبرون العقد بمثابة خطبة فيمزقوا العقد إن كان مكتوباً أو يرسلوا الخواتم كل للآخر اعتقاداً منهم بأن ذلك ينهي العلاقة. والحقيقة أنه: لابد من مخالعة رضائية, ونؤكد أن تكون خطية( إن كان عقد الزواج شفهياً أو خطياً) يتم فيها تبادل الألفاظ بالمخالعة أصولاً وفق شروطها, ويشار فيها إلى أنهما زوجان بعقد عرفي شفهي أو خطي, ويشار إلى أنه تم الزفاف أو الدخول أو الخلوة أم لا. ويجب أن تكون هذه المخالعة على نسختين أصليتين ببصمة الطرفين عليهما وكذلك تواقيع الشهود وولي المال.
|