فصول الرعب اللامعقول تطول وتتزايد الاوجاع يوما بعد آخر , ويسقط المخرج السينمائي العالمي الكبير مصطفى العقاد في متاهات الوحشية والجنون والفوضى واعمال العنف والابادة.
يسقط مصطفى العقاد على عتبة افتتاح مهرجان دمشق السينمائي حيث طالته يد الارهاب المتوحش مع قافلة من الضحايا الابرياء من ضمنهم ابنته ريما التي كانت تندمج وبشكل دائم مع طموحات الحلم الرومانسي لما تتميز به من عفوية ورقة وشاعرية .
يغيب مصطفى العقاد حاملا بعينيه تداعيات احلامه وهواجسه ومواقفه التي جسدها في افلامه بلغة عالمية حاول من خلالها ايقاف اهتزاز وارتجاج صورة الانسان العربي بعد ان نجحت الجهات المعادية في تشويهها وحرفها عن الواقع والاصل .
فهو احد اكثر المخرجين السوريين والعرب شهرة في الخارج ساهم فعليا في السينما العالمية منذ منتصف السبعينيات وادرجت بعض اعماله ضمن افلام مدينة هوليوود نذكر منها الرسالة وعمر المختار قام ببطولتهما النجم العالمي انطوني كوين وكان يزمع تجسيد بطولة صلاح الدين الايوبي في فيلم يعيد من خلاله تصحيح الصورة التي رسمها الغرب عن هذا القائد التاريخي, وفي هذا الصدد يقول: لن أقول أن صلاح الدين الأيوبي حارب الصليبيين, بل حارب الافرنج, لأن العرب المسيحيين حاربوا معه وانتصروا في النهاية على هؤلاء الافرنج الذين كانوا يسمون أنفسهم عن غير حق بالصليبيين.
ويضيف العقاد: صلاح الدين حمى جميع الأديان وكان يتصف بنزعة إنسانية شاملة.
كان مصطفى العقاد في الرابعة عشرة من عمره حين قرر السفر الى أميركا في عام 1954 مخالفاً رغبة الأهل في أن يكون طبيباً أو مهندساً أو محامياً. فمنذ البداية كان يجسد نزعة تمردية على الأفكار المستهلكة والجامدة, وكانت خطوته الأولى -على حد قوله- حين عمل طيلة عام كامل حتى استطاع تأمين ثمن تذكرة السفر وهذه المعاناة لعبت دوراً أساسياً في بلورة ميوله الفنية ودفعته نحو دراسة الفن السابع وسط طلاب أجانب والوصول فيما بعد الى قلب هوليوود. بل ان الاخراج السينمائي هو مبرر وجوده في أميركا, وهو المحطة النهائية التي كان يرتاح إليها بعد جولاته في المدن العربية والغربية.
والمعروف انه ركز في أفلامه لتجسيد بطولة دحر الغزاة على أبواب المدن العربية. فالشخصية العربية التي جسدها انطلقت كرمزللثورة والبطولة والتحدي.
والأجواء التي ظهرت في أفلامه وان كانت تعتمد في أحيان كثيرة على تقنيات حديثة وجديدة, فهي تبدو آتية من الماضي, بما فيه من شخصيات وعناصر قديمة وبطولات.
هذا ما نجده على الأقل في فيلمي عمر المختار والرسالة, حيث يدمج فيهما بين رموز الواقع التاريخي مركزاً على موضوع الفروسية, واعتبار الأحصنة والأسلحة التقليدية من أبرز مظاهر الحروب القديمة. فالحصان انطلق في عصر الفتوحات, كرمز للبطولة ورفيقاً للعنفوان والتحدي, وهو يرمز في تكاوينه الى الفروسية والأصالة العربية.