تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


سياسة التخبط و الضياع

شؤون سياسية
الأثنين 3/11/2008
محمد عبد الكريم مصطفى

جاءت العملية العسكرية الأمريكية داخل الحدود السورية في مرحلة هامة ومفصلية يتم فيها تعرية السياسة الأمريكية الغبية التي اعتمدتها إدارة الرئيس بوش الذي يلملم آخر أوراقه الصفراء,

معتمداً على ماتبقى له من سلطات في محاولة يائسة لتقديم بعض الدعم للمرشح الجمهوري (ماكين) الذي يعيش كابوس الانتخابات التي أخذت تقترب كثيراً من نهايتها, وبعد أن تضاءل الحلم الجمهوري في الوصول إلى البيت الأبيض حسب التوقعات التي تعطيها استطلاعات الشارع الأمريكي, أخذت الإدارة الحالية تعيش حالة من التخبط والضياع في اتخاذ القرار, وهي تسعى على كافة الجبهات لتحقيق أي خطوة يمكن أن تدعم المرشح الجمهوري الذي يحتاج إلى معجزة لتوصله إلى الموقع الرئاسي, لكن الذي يحصل أن هذه الإدارة تنتقل من فشل إلى آخر وهي تفتعل الأزمات, على الساحة الداخلية في الولايات المتحدة الأمريكية, وقد تجلى ذلك في الأزمة المالية الأخيرة, ومنعكساتها على الحياة العامة للمواطن الأمريكي, حيث تسببت في حالة الانهيار الاقتصادي والمالي التي ظهرت بداية في الولايات المتحدة الأمريكية, وانطلقت إلى الأسواق العالمية بسرعة مذهلة, وهكذا امتدت الأزمة لتطول كافة الشرائح الاجتماعية على الساحة العالمية وخاصة في الدول الصناعية المتقدمة.‏

يُجمع المراقبون بأن سبب هذه الجريمة القذرة وتوقيتها يرتبط مباشرة بالأزمات السياسية الكبرى التي تواجه الإدارة الأمريكية وخاصة عدم قدرتها على فرض الاتفاقية الأمنية المذلة على العراق من جهة, وعدم قدرتها على تحقيق أي نجاح في الحفاظ على قوى الممانعة في المنطقة ممثلة بسورية وإيران, وخروج أغلب دول العالم الموالية لأمريكا عن الخط الأمريكي ومن الهيمنة الأمريكية على سياسة تلك الدول التي أخذت تبادر في التوجه إلى سورية معترفة بدورها المحوري في حل أزمات المنطقة صغيرها وكبيرها من جهة أخرى, حيث وجدت إدارة بوش نفسها وحيدة ومعزولة ففقدت السيطرة على التحكم بزمام الأمور في المنطقة, وهي ملزمة بالهروب إلى الأمام بافتعال مثل هذه الجريمة الارهابية التي طالت مدنيين لايمتلكون أي نوع من السلاح, وبينما هم يبحثون عن لقمة عيشهم واجهتهم آلة الحرب الأمريكية الهمجية مستبيحة كل الحرمات الإنسانية والأخلاقية.‏

العملية بحد ذاتها تشير إلى أمرين أساسيين غاية في الأهمية, أولهما عدم اعتراف الولايات المتحدة بالحكومة العراقية كحكومة مستقلة تمتلك قرارها السياسي, ولاتعترف قوة الاحتلال دور هذه الحكومة السياسي ومسؤوليتها الأمنية سواء أمام الشعب العراقي ذاته أو أمام دول الجوار وشعوبها, وماصدر عن بعض المسؤولين العراقيين ماهو إلا تكرار لما تم تلقينه لهم من قبل الأمريكي ليس إلا, لكون التصريح لايمت إلى الواقع بصلة, والأمر الثاني هو اعتبار الجريمة رسالة إلى دول العالم وفي مقدمتها دول جوار العراق بأن الولايات المتحدة الأمريكية قوة عظمى يحق لها الخروج على القانون الدولي في أي وقت تجده يخدم مصالحها, وبالتالي هي لاتعترف أساساً بالمنظمات الدولية وبدورها الإنساني المعتبر على الساحة العالمية, وهي بذلك تكون قد أوقعت نفسها في مطب جديد سيصعب عليها التخلص من تبعاته بالسهولة التي تتوقعها, إذا لم تبادر الإدارة الأمريكية إلى التحقيق في الجريمة وكشف ملابساتها وتحميل مفتعلها المسؤولية الكاملة, بعد أن تبين للقاصي والداني أن ماتدعي به قوات الاحتلال عار من الصحة, والشهداء الذين طالتهم يد الغدر الأمريكية هم من المواطنين العزل الفقراء وهم يعملون في مجال البناء لكسب قوتهم اليومي.‏

من المؤكد أن ماقامت به القوات الأمريكية داخل الأراضي السورية هو جريمة إرهابية بكل المقاييس والمعايير الدولية, وعلى المجتمع الدولي ومجلس الأمن أن يأخذا دورهما في إدانة العدوان وتحميل الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية مايمكن أن ينتج عن تلك الممارسات غير القانونية التي تهدد السلم والأمن الدوليين, ولاسيما أن الدور الأمريكي خلال العقد الأخير كان سبباً مباشراً في زعزعة الاستقرار في العديد من بلدان المنطقة, وقد واجهت السياسة الأمريكية هذه كرهاً ورفضاً من شعوب المنطقة والعالم, ولم تستطع أية إدارة جديدة أيا تكن من تحسين صورة أمريكا التي شوهها الرئيس بوش وإدارته, وهي تزيد الطين بلة في كل يوم جديد.‏

لقد واجه شعبنا في سورية هذه الجريمة بأشد عبارات الإدانة والشجب, وهو يزداد قوة ومناعة في وجه هذه الهجمات العدوانية من خلال تمسكه بوحدته الوطنية, وثقته بقيادته القادرة على النصر.‏

Email:m.a.mustafa@ ">‏

Email:m.a.mustafa@ mail.sy‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية