الذكرى التي تقودنا اليوم إلى قرية أعادتنا إلى أحد رجالاتها الذين قدموا للبلد الكثير الكثير من خلال الموقع الذي كان يشغله, هذا الرجل الذي دفعنا للكتابة عن هذه القرية العزيزة الغالية, هذا الرجل الذي افتقدناه قبل أيام بعد أن تجاوز عمره تسعين عاماً. إنها قرية (كفر حارب) التي تقع جنوب الجولان على خط القنيطرة- العال فيق سكوفيا.. غالبية سكانها من عشيرة (بني خالد) وعدد سكانها قبل العام 1967 لايتجاوز ال (500) نسمة تقريباً, هي قرية ترتفع عن سطح البحر أكثر من (400) متر.
الواقف على أرض قرية كفر حارب يشاهد الأرض الفلسطينية والأردنية بالعين المجردة, غالبية سكانهاتربطهم صلة القربى ببعضهم, تميز أبناء هذه القرية بإقبالهم على العلم بشكل جيد, وكما قلنا قبل أيام غادرنا أحد رجالاتها الذين خدموا البلد بكل ما يملكون من صدق وأمانة وإخلاص, غادرنا اللواء (طوين عز الدين) الذي كان في مرحلة من المراحل قائداً لقوى الأمن الداخلي.
تميز سكان (كفر حارب) بإتقان الزراعة بمختلف أنواعها, حيث كانت المزروعات تحيط بها من كل جانب, خاصة زراعة الحبوب.
خدمت القرية من قبل الدولة بمختلف أنواع الخدمات آنذاك, ولاسيما الكهرباء والماء, حيث زودت بالمياه من نبعي عين ذكر والجوخدار, كما تم ربطها بطريق معبد بقرى فيق, والعال وسكوفيا وغير ذلك من القرى.
وكما قلنا قدم أبناء القرية العديد من الشهداء حيث حملوا السلاح منذ العام 1953 منضمين إلى فصائل (الحرس الوطني) ثم المقاومة الشعبية ثم الجيش الشعبي, وكانوا يقومون بمهام الحراسة والدفاع عن قريتهم إلى جانب قواتنا المسلحة الباسلة.
ونظراً لموقع القرية المتميز كباقي قرى الجولان, فقد تعرضت منذ العام 1948 ولغاية 1967 إلى عدة اعتداءات من قبل العدو الصهيوني.
أثناء حرب حزيران تعرضت القرية لقصف الطيران الإسرائيلي واحتلها العدو الصهيوني, وكان سكانها داخلها, هؤلاء السكان الذين رفضوا مغادرة قريتهم الأمر الذي دفع بالعدو الصهيوني إلى أسر العديد من سكانها ونقلهم إلى معتقلات داخل فلسطين المحتلة, وعوملوا أسوأ معاملة وتعرضوا للضرب والإهانة وبقوا حتى تم تبادل الأسرى.
وبعد عملية الأسر التي قام بها العدو الصهيوني عمل على إجلاء سكان القرية بالقوة وإلقائهم على حدود محافظة درعا بعد أن سلب منهم ما بحوزتهم من أموال وغيرها.
عادات وتقاليد أهل القرية هي عادات تجمعهم جميعاً تحت عنوان التعاون والمشاركة لبعضهم البعض.
أعراس القرية وعادات الزواج جميلة, لكن قد تكون تغيرت مع الزمن ووفق تطورات الحياة, لكن تبقى الألفة والمشاركة الجماعية العنوان الرئيسي لهذه العادات والتقاليد التي يحافظ عليها الكثير من أبناء القرية.
وكما أشرنا غالبية شباب القرية من المتعلمين, حتى قبل عام 1967 وذلك لقناعة كبار السن آنذاك أن العلم هو معيار التقدم, هذا بالإضافة لوجود العديد من أبناء القرية في مفاصل الدولة أيضاً, وهذا له أكبر الأثر في الحالة التعليمية من جهة, وجعل من القرية قرية نموذجية بكل معنى الكلمة.
سكان كفر حارب يترقبون اليوم الذي يعود فيه جولاننا الحبيب إلى الوطن الأم سورية, وهذا اليوم لن يكون ببعيد, لأن عزيمة أهل سورية, وقيادتنا السياسية تعمل على أن يعود الجولان كاملاً غير منقوص إلى الوطن الأم مهما كلف ذلك من تضحيات.
"asmaeel001@yahoo.com