تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر
طباعةحفظ


حقبة «الحرب الباردة» سباق ... تسلح باسم الأمن والدفاع

قاعدة الحدث
الخميس 12-1-2012
إعداد: أيمن بدور

كان برنارد باروخ مستشار رئيس الولايات المتحدة هو الذي استخدم لأول مرة يوم 16 نيسان 1947 مصطلح الحرب الباردة الذي كان يعني المجابهة العالمية والجيوسياسية والاقتصادية والإيديولوجية بين الولايات المتحدة وحلفائها

من جهة والاتحاد السوفييتي وحلفائه من جهة أخرى، ويرى الكثير من المؤرخين أن خطاب ونستون تشرشل المشهور، علماً أنه لم يكن يشغل حينذاك منصب رئيس الوزراء البريطاني الذي ألقاه بمدينة فولتن بولاية ميسوري الأميركية والذي طرح فيه فكرة تشكيل حلف عسكري للدول الانجلوسكسونية بذريعة مكافحة الشيوعية العالمية يعتبر البداية الشكلية للحرب الباردة.‏

وبدأت المجابهة في منتصف الأربعينيات من القرن الماضي وانتهت بتفكيك الاتحاد السوفييتي في مطلع التسعينيات وقد أثبت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي مجالين لنفوذهما بتشكيل الكتلتين السياسيتين العسكريتين وهما حلف شمال الأطلسي أو الناتو الذي تم تشكيله عام 1949 ومنظمة معاهدة وارسو (1955- 1991) ظهرت أول تناقضات بين الحلفاء في التحالف المضاد لهتلر في أعقاب الحرب العالمية الثانية حين خرج الاتحاد السوفييتي من عملية المباحثات لدعمه فكرة وحدة ألمانيا، فيما خشيت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا توسع النفوذ السوفييتي على دول أوروبا وقامت بدمج مناطق الاحتلال الثلاث في ألمانيا ضمن منطقة واحدة ودعت إلى إجراء الانتخابات هناك وتشكيل حكومة وفي عام 1949 تم اعتماد الدستور في تلك المناطق، هكذا نشأت جمهورية ألمانيا الاتحادية وبعد مضي فترة قصيرة تم إعلان جمهورية ألمانيا الديمقراطية في منطقة النفوذ السوفييتي ومنذ ذلك الحين أصبحت أرض البلاد المقسمة حلبة للمواجهة.‏

أدت الاختلافات الايديولوجية بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية بقليل إلى حدوث مواجهة حقيقية حيث تنامى الوزن السياسي للاتحاد السوفييتي وظهر عدد كبير من الدول السائرة في النهج الاشتراكي في أوروبا الشرقية ومن ثم في آسيا وإفريقيا وأميركا اللاتينية ما أدى إلى تنامي المخاوف في البلدان الغربية (ولاسيما في الولايات المتحدة وبريطانيا) وبدأت في الولايات المتحدة نفسها هستيريا معادة الشيوعية أي ما يسمى «صيد الأشباح» لكن لم تحدث عمليات عسكرية رسمياً بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة فيما أصبحت النزاعات المسلحة التي اندلعت في العالم أجمع ميداناً للمواجهة بين الدولتين.‏

وفي أثناء الحرب في شبه جزيرة كوريا في أعوام (1950- 1953) قدم الاتحاد السوفييتي المساعدة العسكرية إلى كوريا الديمقراطية الشعبية بينما قدمت الولايات المتحدة مساعدتها إلى كوريا الجنوبية الأمر الذي أدى فيما بعد إلى انقسام البلاد على أساس ايديولوجي والذي لايزال قائماً حتى الآن، ووجدت الولايات المتحدة نفسها بدعمها لحكومة جنوب فيتنام إلى الحرب الأهلية في هذه البلاد الآسيوية وكان الاتحاد السوفييتي يقدم المساعدة إلى فيتنام الشمالية التي دعمت بدورها حركة المقاومة في جنوب البلاد التي كانت تواجه الدكتاتورية والاحتلال الأجنبي.‏

أصبحت الحروب العربية مع الاحتلال الإسرائيلي أيضاً مجالاً للصراع بين الأسلحة السوفييتية والأميركية وكان الاتحاد السوفييتي يرسل أسلحته إلى الدول العربية ويقوم بإعداد الخبراء العسكريين أما الولايات المتحدة فكانت تمارس السياسة نفسها حيال إسرائيل وكان التنافس المستمر بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة يتسبب أحياناً في تغيير في توجهات بعض الدول العربية وعلى سبيل المثال بدأت مصر بممارسة سياسة الانفتاح بعد الحصول على تعهدات أميركية بتقديم المساعدة لها وأدت هذه السياسة إلى انسحاب المستشارين والخبراء السوفييت من هذا البلد في منتصف السبعينيات. ثمة مثال آخر فإن العراق الذي كان مقراً لمنظمة المعاهدة المركزية المبنية على أساس حلف بغداد صار يميل إلى التقارب مع الاتحاد السوفييتي بعد قيام انقلاب عام 1958 على الملكية وخروج البلاد من الحلف عام 1959.‏

أهم ما اتصفت به الحرب الباردة هو سباق التسلح وبحلول عام 1945 صنعت الولايات المتحدة السلاح النووي فيما حصل عليه الاتحاد السوفييتي في عام 1949 فقط، وبات الجيشان الأميركي والسوفييتي يمتلكان السلاح النووي الحراري في عامي 1952 - 1953 كانت كلتا الدولتين تنفقان أموالاً طائلة على الصناعة الحربية وكان يمكن أن تتحول الحرب العالمية الثالثة إلى واقع.‏

وأصبحت أزمة الكاريبي عام 1962 من أكثر الأحداث شهرة حيث كان العالم على وشك وقوع كارثة وسبقت الأزمة واقعتان أولهما هي ثورة عام 1959 في كوبا والتي أوصلت إلى الحكم نظاماً بدأ يتقارب بعد فترة مع الاتحاد السوفييتي وثانيهما نشر الولايات المتحدة الصواريخ المتوسطة المدى في تركيا، الأمر الذي شكل خطراً مباشراً على المدن الواقعة في غرب الاتحاد السوفييتي بما فيها موسكو والمراكز الصناعية الكبرى.‏

وبدأت الأزمة في 14 تشرين الأول عام 1962 حين اكتشفت طائرة استطلاع أميركية في كوبا الصواريخ المتوسطة المدى السوفييتية الصنع من طراز آر - 12 و أر - 14 وفي 22 تشرين الأول توجه الرئيس الأميركي جون كيندي إلى الشعب وأعلن وجود السلاح الهجومي السوفييتي في كوبا ما أسفر عن وقوع ذعر بين سكان الولايات المتحدة وقامت الولايات المتحدة بفرض الحصار على كوبا وكانت تناقش آنذاك احتمالات القصف المكثف لهذه البلاد، لم تثر الانذارات الأخيرة التي وجهتها الولايات المتحدة إلا استياء الاتحاد السوفييتي الأمر الذي أوصل العالم إلى شفير الحرب العالمية الثالثة، وعلى الرغم من أن الجانبين وجدا أخيراً حلاً وسطاً وافق الاتحاد السوفييتي بموجبه على سحب الصواريخ من كوبا مقابل سحب الصواريخ الأميركية من تركيا.‏

بينت أزمة الكاريبي التي استمرت 38 يوماً الحد الذي يمكن أن تصل إليه البشرية للقضاء على نفسها وغدا انفراج الأزمة منعطفاً في تاريخ الحرب الباردة وبداية للانفراج الدولي.‏

إضافة تعليق
الأسم :
البريد الإلكتروني :
نص التعليق:
 

 

E - mail: admin@thawra.sy

| الثورة | | الموقف الرياضي | | الجماهير | | الوحدة | | العروبة | | الفداء | | الصفحة الرئيسية | | الفرات |

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية