فقد قدمت للكيان الصهيوني من المعونات العسكرية ما لم تقدمه لأي دولة حليفة في العصر الحديث، حيث يعد أكبر متلق للمساعدات والمنح الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية بحصيلة تزيد عن 160 مليار دولار أميركي.
هذا الالتزام بُني على الاستراتيجية الأميركية في دفاعها عن أمنها ومصالحها على مستوى العالم، وبما أن لها مصالح ومطامع كبيرة في منطقة الشرق الأوسط وهي المنطقة التي تتميز بموقعها الاستراتيجي، وتحتوي على الكثير من الموارد والثروات الاقتصادية الهائلة وعلى رأسها النفط، ووجود «الكيان الصهيوني» الذي وصفه أحد وزراء الدفاع الأميركيين بأنه (حاملة الطائرات الأميركية التي لا تغرق) معبراً عن عمق العلاقة ومتانة التحالف الذي يربط الكيان الصهيوني بأميركا، جعل الولايات المتحدة تعتبر أن حماية هذا الكيان وضمان أمنه هو من أولويات استراتيجيتها الدفاعية والسياسة الأميركية في الشرق الأوسط.
وفي خضم استراتيجيتها الدفاعية بعد الحرب العالمية دعماً لهذا الكيان، تم تخصيص 550 مليون دولار لبرامج تطوير الأسلحة الجوية الإسرائيلية على أن تقدم إسرائيل خدمات للجيش الأميركي بقيمة 200 مليون دولار وإضافة لذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون العسكري في حالة الطوارئ، وفي تقديرات مكتب المحاسبة الأميركي العام كان حجم المساعدات الأميركية لإسرائيل ما قبل العام 1948م يبلغ 25 مليار دولار تتضمن 60% منها قروض ومساعدات حربية وتكنولوجية عسكرية، لدعم متطلبات آلة الحرب والعدوان.
أما استراتيجيتها في فترة الحرب الباردة لكبح المد الشيوعي في المنطقة العربية، وزيادة قوتها في المنطقة كان بمزيد من الإمدادات العسكرية الأميركية لإسرائيل بدأتِ في عام 1965، وكانت مرحلة حرب تشرين 1973 من أبرز المحطات التي وقفت فيها أميركا مع إسرائيل، واستمرت هذه المساعدات لإضعاف هذه المنطقة وزيادة لنفوذ أميركا فيها ضد الاتحاد السوفييتي ومن هذه الإمدادات: عام 1965 شحنة من الصواريخ الأميركية (هوك) المضادة للطائرات، عام 1966 تزويدها بمادة اليورانيوم اللازمة لمفاعلها الذري،عام 1968 مفاوضات لبيعها طائرات حربية أسرع من الصوت، عام 1970 إمداد «إسرائيل» بحوالي 200 دبابة طراز (أم ـ 60 أ) وهي أحدث دبابات القتال في الجيش الأميركي، و 18 طائرة فانتوم، وبطاريات مدفعية وعتاد حربي آخر، عام 1971 مبلغ 30 مليون دولار في شكل قروض لتمويلها بالأسلحة، عام 1972 خصصت لجنة العلاقات الخارجية لمجلس الشيوخ مبلغ 300 مليون دولار لتشتري بها «إسرائيل» السلاح وذلك من أصل 550 مليون دولار تم رصده للقروض العسكرية خلال سنة 1973م، وخلال حرب تشرين 1973 أعلنت المصادر العسكرية الأميركية أن الولايات المتحدة في سباق مع الزمن لإرسال المساعدات العسكرية إلى «إسرائيل» تعويضاً عن خسائرها الجسيمة في الحرب القائمة في الشرق الأوسط، عام 1975 مشروع قانون بمساعدات عسكرية واقتصادية قدرها 3800 مليون دولار منها 2200 دولار «لإسرائيل»، 1977 تقديم 785 مليون دولار «مساعدات دفاعية» لإسرائيل وذلك في إطار برنامج المساعدات الخارجية للسنة المالية الجديدة 1978م، عام 1988 ألغت الحكومة الأميركية الحظر الذي فرضته على تزويد (إسرائيل) بالقنابل العنقودية، عام 1990 وافقت لجنة الاعتمادات بمجلس الشيوخ الأميركي على اقتراح بتفويض الرئيس الأميركي جورج بوش بمنح «إسرائيل» مساعدات عسكرية تصل قيمتها إلى 700 مليون دولار كحد أدنى خلال تسعة أشهر، في هذه المرحلة من استراتيجيتها الدفاعية استمرار تقديم المساعدات العسكرية إلى «إسرائيل كل عام بحدود 3 مليار دولار، والمحافظة على تفوق «إسرائيل» النوعي والمتطور، إقامة مناورات عسكرية مشتركة وبصورة دورية، المحافظة على وجود عسكري أميركي قوي في المنطقة، العمل مع «إسرائيل» على منع انتشار الأسلحة النووية والبيولوجية والكيمياوية في المنطقة.
خلال حربها على العراق وأفغانستان بدأت استراتيجيتها بتصريح كلينتون عام 1999 أنه يخطط لرفع المعونة العسكرية السنوية الأميركية خلال العقد الجديد تدريجياً من 1.8 مليار دولار إلى 2.4 مليار دولار دفعة واحدة لتغطية تكلفة نشر القوات تنفيذاً لاتفاقيات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين إلى جانب توفير ذخيرة وطائرات هليكوبتر وتطوير أنظمة دفاع صاروخي، عام 2000 أعلنت سلطات الاحتلال الصهيوني أن واشنطن وافقت على تزويدها بخمسين مقاتلة حديثة من طراز (F - 16) الأميركية الصنع، وأشارت إذاعة الكيان الصهيوني إلى أن العقد قابل للمرونة إذ إنه يتضمن إمكانية بيع الكيان الصهيوني 60 مقاتلة أخرى من الطراز نفسه.
بنيت استراتيجية أميركا الحالية على محاولة تعاون مشترك مع هذا الكيان والاستفادة من مراحل دعمها السابق له، كالقيام بعمليات التدريبات والمناورات المشتركة، فضلاً عن التبادلات حول العقيدة العسكرية، استفادت الولايات المتحدة في مجالات التعاون لمكافحة «الإرهاب» والاستخبارات التكتيكية والخبرة في الحرب المدنية، ومن المقرر القيام بأكبر مناورة أميركية إسرائيلية على الإطلاق في ربيع عام 2012، والاستفادة من التكنولوجيا «الإسرائيلية» بتعزيز المصالح الأميركية، حيث تلجأ وكالات الأمن الداخلي والوكالات العسكرية الأميركية على نحو متزايد إلى التكنولوجيا «الإسرائيلية» لحل بعض مشكلاتها التقنية الأكثر إزعاجاً. ولطالما كانت «إسرائيل» رائدة في تطوير الأنظمة الجوية للطائرات بدون طيار لجمع المعلومات الاستخباراتية والقتال على حد سواء، حيث شاركت الجيش الأميركي في هذه التكنولوجيا والمبادئ وخبرتها فيما يخص هذه الأنظمة، كما أن «إسرائيل» سباقة عالمياً في مجال التدابير الفعالة لحماية المركبات المدرعة والدفاع ضد تهديدات الصواريخ قصيرة المدى وتقنيات وإجراءات الروبوت، وتقاسمت جميعها مع الولايات المتحدة.